وأما تقديم يد الكافر على سوق المسلمين، فإنما هو لقصور السوق عن كونه إمارة فيما كان في يد الكافر فعلا، المعلوم كفره، وإنما هو إمارة بالنسبة إلى مجهول الحال، إلحاقا للمشكوك بالغالب، فالتقديم فيه ليس إلا للأصل السالم عما يحكم عليه من أدلة السوق الدالة على حكم مجهول الحال دون معلوم الكفر. وبما ذكرنا ظهر لك أن يد الكفار ليست إمارة على الميتية حتى تعارض يد المسلم التي هي إمارة على التذكية تعارض الإمارتين الموجب للترجيح بينهما، بل هو من باب تقابل الإمارة وعدم الإمارة، لا إمارة العدم حتى يلتمس الترجيح.
وحيث اتضح لك ما ذكرنا، ظهر أنه لا شك على المختار في الحكم بتذكية الذبيحة المشتركة بين المسلم والكافر الموجودة في يديهما، معا، لقيام الإمارة عليها من يد المسلم، سيما على المختار: من كون اليد على الكل وإن كان لا بنحو الاستقلال الحاكمة على أصالة عدم التذكية، وإن كانت في يد الكافر أيضا، لما عرفت من عدم كون يده إمارة على العدم، فهي بحكم العدم في قبال يد المسلم، فلم يبق إلا الأصل المحكوم لها.
ولعله كذلك أيضا، على القول الآخر، وإن كان حينئذ من تعارض الإمارتين لأقوائية يد المسلم في الإمارة باعتضادها بأصالة صحة فعله، وليس الأصل في فعل الكافر الفساد حتى يكون معاضدا ليده، وإصالة عدم التذكية ليست في مرتبة الأمارة حتى تصلح للاعتضاد بها (1) وهذا هو الوجه