من الرسل ولا تستعجل لهم) (١) ثم قال: ﴿وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك﴾ (٢) ﴿فصبروا على ما كذبوا وأوذوا﴾ (3) فقد كذب نبي الله والرسل من قبله وأوذوا مع التكذيب بالحق، فإن سركم أن تكونوا مع نبي الله محمد (صلى الله عليه وآله) والرسل من قبله فتدبروا ما قص الله عليكم في كتابه مما ابتلى به أنبياءه وأتباعهم المؤمنين، ثم سلوا الله أن يعطيكم الصبر على البلاء في السراء والضراء، والشدة والرخاء مثل الذي أعطاهم.
وإياكم ومماظة أهل الباطل، وعليكم بهدى الصالحين ووقارهم وسكينتهم وحلمهم وتخشعهم وورعهم عن محارم الله، وصدقهم ووفائهم واجتهادهم لله في العمل بطاعته، فإنكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربكم منزلة الصالحين قبلكم. واعلموا أن الله تعالى إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للإسلام، فإذا أعطاه نطق لسانه بالحق وعقد قلبه عليه فعمل به، فإذا جمع الله له ذلك تم إسلامه، وكان عند الله إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقا. وإذا لم يرد الله بعبد خيرا وكله إلى نفسه، وكان صدره ضيقا حرجا، فإن جرى على لسانه حق لم يعقد قلبه عليه، وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه الله العمل به، فإذا اجتمع ذلك عليه حتى يموت وهو على تلك الحال كان عند الله من المنافقين، وصار ما جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه الله أن يعقد قلبه عليه ولم يعطه العمل به حجة عليه. فاتقوا الله وسلوه أن يشرح صدوركم للإسلام، وأن يجعل ألسنتكم تنطق بالحق حتى يتوفاكم