فإن من لم يجعله الله من أهل صفة الحق فأولئك هم شياطين الإنس والجن، وإن لشياطين الإنس حيلا ومكرا وخدائع ووسوسة بعضهم إلى بعض، يريدون إن استطاعوا أن يردوا أهل الحق عما أكرمهم الله به من النظر في دين الله الذي لم يجعل الله شياطين الإنس من أهله، إرادة أن يستوي أعداء الله وأهل الحق في الشك والإنكار والتكذيب فيكونون سواء كما وصف الله في كتابه من قوله سبحانه: ﴿ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء﴾ (١). ثم نهى الله أهل النصر بالحق أن يتخذوا من أعداء الله وليا ولا نصيرا، فلا يهولنكم ولا يردنكم عن النصر بالحق الذي خصكم الله به من حيلة شياطين الإنس ومكرهم وحيلهم ووساوس بعضهم إلى بعض، فإن أعداء الله إن استطاعوا صدوكم عن الحق، فيعصمكم الله من ذلك، فاتقوا الله وكفوا ألسنتكم إلا من خير، وإياكم أن تذلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان، والإثم والعدوان، فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكره الله مما نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربكم من أن تذلقوا ألسنتكم به، فإن ذلق اللسان في ما يكره الله وفي ما ينهى عنه لدناءة للعبد عند الله ومقت من الله وصمم وعمى وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة، فتصيروا كما قال الله ﴿صم بكم عمي فهم لا يرجعون﴾ (2) يعني لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه، وعليكم بالصمت إلا في ما ينفعكم الله به في أمر آخرتكم، ويؤجركم عليه، وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء على الله والتضرع إليه والرغبة في ما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره