وقد امتد نشاط جابر إلى ناحية أخرى من الكيمياء هي التي يسمونها بالصنعة، أي تحويل المعادن الخسيسة إلى معادن ثمينة من ذهب وفضة. ويعد جابر رائدا لمن أتى بعده من العلماء الذي شغفوا بهذه الناحية من الكيمياء، كالرازي وابن مسكويه والصغرائي والمجريطي والجلدكي.
وكانت نظرية تحويل المعادن إلى ذهب أو فضة نظرية يونانية قديمة فتن بها المسلمون من بعدهم، فوضع جابر فيها رسائل كثيرة، وشرح قواعدها وأصولها في كتبه المتعددة.
يقول ابن النديم: " حدثني بعض الثقات ممن تعاطى الصنعة أنه (أي جابر) كان ينزل في شارع باب الشام في درب يعرف بدرب الذهب، وقال لي هذا الرجل إن جابرا كان أكثر مقامه بالكوفة، وبها كان يدير (الإكسير) لصحة هوائها، ولما أصيب الأزج الذي وجد فيه هاون ذهب، فيه نحو مائتي رطل كان من موضع دار جابر بن حيان، فإنه لم يصب في ذلك الأزج غير الهاون فقط " (1).
ويعتقد الدكتور محمد يحيى الهاشمي أن الذي يقصده جابر ب (الأكاسير) هو (الراديوم) نفسه، أو أحد الأجسام المشعة، فيقول: " ومما يزيد إعجابنا ادعاء جابر بأن هذا السر له دخل في جميع الأعمال، وإننا إذا أمعنا النظر في الوقت الحاضر، لوجدنا اكتشاف الأجسام المشعة التي تؤدي إلى قلب عنصر المادة وتحطيم الذرة لم يكن من نتائجها القنبلة الذرية فحسب، بل إيجاد منابع قوى جديدة لم تكن تطرق على بال الإنسان " (2).