[النعمان] على جعفر بن محمد، فقال لابن أبي ليلى: من هذا معك؟ قال: هذا رجل له بصر ونفاذ في أمر الدين. قال: لعله يقيس أمر الدين برأيه؟ قال: نعم. فقال جعفر لأبي حنيفة: ما اسمك؟ قال: نعمان. قال: يا نعمان، هل قست رأسك بعد؟
قال: كيف أقيس رأسي؟ قال: ما أراك تحسن شيئا، هل علمت ما الملوحة في العين، والمرارة في الأذنين، والحرارة في المنخرين، والعذوبة في الشفتين؟
قال: لا. قال: ما أراك تحسن شيئا، قال: فهل علمت كلمة أولها كفر وآخرها إيمان؟ فقال ابن أبي ليلى: يا ابن رسول الله، أخبرنا بهذه الأشياء التي سألته عنها؟
فقال (عليه السلام): أخبرني أبي عن جدي أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: إن الله بمنه وفضله جعل لابن آدم الملوحة في العينين لأنهما شحمتان، ولولا ذلك لذابتا، وأن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل المرارة في الأذنين حجابا من الدواب؛ فإن دخلت الرأس دابة والتمست إلى الدماغ فإذا ذاقت المرارة التمست الخروج، وإن الله تعالى بمنه وفضله ورحمته على ابن آدم جعل الحرارة في المنخرين يستنشق بهما الريح ولولا ذلك لأنتن الدماغ، وإن الله تعالى بمنه وكرمه ورحمته لابن آدم جعل العذوبة في الشفتين يجد بهما استطعام كل شيء ويسمع الناس بها حلاوة منطقه.
قال: فأخبرني عن الكلمة التي أولها كفر وآخرها إيمان؟ فقال: إذا قال العبد:
لا إله، فقد كفر، فإذا قال: إلا الله، فهو إيمان. ثم أقبل على أبي حنيفة فقال:
يا نعمان، حدثني أبي عن جدي، أن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: أول من قاس أمر الدين برأيه إبليس، قال الله تعالى له: أسجد لآدم، فقال: أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين. فمن قاس الدين برأيه قرنه الله يوم القيامة بإبليس؛ لأنه اتبعه بالقياس. وزاد ابن شبرمة في حديثه: ثم قال جعفر: أيهما أعظم، قتل النفس أو الزنا؟ قال: قتل النفس، قال: فإن الله عز وجل قبل في قتل النفس