الحرمات تتبع بعضها بعضا. من ضيع حرمة الخلق فقد ضيع حرمة المؤمنين.
ومن ضيع حرمة المؤمنين فقد ضيع حرمة الأولياء. ومن ضيع حرمة الأولياء فقد ضيع حرمة الرسول. ومن ضيع حرمة الرسول فقد ضيع حرمة الله. ومن ضيع حرمة الله تعالى فقد دخل في ديوان الأشقياء. وأفضل الأخلاق حفظ الحرمات.
ومن أسقط عن قلبه الحرمات تهاون بالفرائض والسنن.
﴿ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق﴾ (١)، قال جعفر: عيروا الرسل بالتواضع والانبساط ولم يعلموا أن ذلك أتم لهيبتهم وأشد في بيان الاحترام لهم. وذلك إنهم لم يشاهدوا منهم إلا ظاهر الخلقة. ولو شاهدوا منهم خصائص الاختصاص لألهاهم ذلك عن قولهم (ما لهذا الرسول...).
﴿وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا أنهم ليأكلون الطعام...﴾ (٢)، قال جعفر:
ذلك إن الله تعالى لم يبعث رسولا إلا أباح ظاهره للخلق بالكون معهم على شرط البشرية ومنع سره عن ملاحظاتهم والاشتغال بهم لأن أسرار الأنبياء في القبضة لا تفارق المشاهدة بحال.
عن جعفر بن محمد في قوله عز وجل ﴿تبارك الذي جعل في السماء بروجا﴾ (3) قال: سمى السماء سماء لرفعتها والقلب سماء لأنه يسمو بالإيمان والمعرفة بلا حد ولا نهاية. كما إن المعروف لا حد له كذلك المعرفة به لا حد لها. وبروج السماء مجاري الشمس والقمر، وهي: الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والأسد، والسنبلة،