﴿وواعدنا موسى ثلاثين ليلة﴾ (1)، قال جعفر: كان وعده ثلاثين ليلة فاليوم على ميعاد ربه وانتهى الأجل لقدومه فأخرجه عن حده ورسمه وأكرم موسى بكلامه وبان عليه شرفه خارجا عن رسوم البشرية حتى سمع ما سمع من ربه من غير نفسه وعلمه وغير وقته الذي وقت لقومه دليلا بذلك على أن منازل الربوبية خارجة عن رسوم البشرية.
(ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه) (2)، قال جعفر: الميقات طلب الرؤية.
وقال جعفر: سمع كلاما خارجا عن بشريته وأضاف الكلام إليه وكلمه من نفسية موسى وعبوديته فغاب موسى عن نفسه وفني موسى عن صفاته وكلمه ربه من حقائق معانيه فسمع موسى صفة موسى من ربه، ومحمد سمع من ربه صفة ربه فكان أحمد المحمودين عند ربه، ومن هنا كان مقام محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) سدرة المنتهى ومقام موسى الطور. ومنذ كلم الله موسى على الطور أفنى صفتها فلم يظهر فيها النبات ولا تمكين لأحد عليها.
(قال رب أرني أنظر إليك) (3)، قال جعفر: انبسط إلى ربه في معنى رؤيته لأنه رأى خيال كلامه على قلبه. فبه انبسط إليه. فقال له: (لن تراني) أي لا تقدر أن تراني لأنك أنت الفاني فكيف السبيل لفان إلى باق. (ولكن أنظر إلى الجبل). فقال: وقع على الجبل علم الاطلاع فصار دكا متفرقا، زال الجبل من ذكر اطلاع ربه وصعق موسى من رؤية تدكدك الجبل. فكيف له برؤية ربه عيانا، معاينة رؤية الله لعبده والعبد فان ورؤية العبد لربه والعبد بربه باق.