فهو (عليه السلام) يدعو لكسب المال من حله لينال المرء عزة في نفسه ولا يكون كلا على الناس فيهان.
ولقد أخبر عن رجل قال: لأقعدن ولأصلين، ولأصومن ولأعبدن الله، فأما رزقي فيأتيني. قال (عليه السلام): هذا أحد الثلاثة الذين لا يستجاب لهم.
وقال له رجل: إنا لنطلب الدنيا ونحب أن نؤتاها. قال (عليه السلام): ماذا تحب أن تصنع بها؟
فقال الرجل: أوسع بها على نفسي وعيالي، وأصل بها قرابتي، وأتصدق وأحج وأعتمر.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): ليس هذا طلب الدنيا، هذا طلب الآخرة.
وكان هو بنفسه يطلب الرزق الحلال.
قال أبو عمر الشيباني: رأيت أبا عبد الله الصادق وبيده مسحاة يعمل في حائط له والعرق يتصبب، فقلت: جعلت فداك، أعطني أكفك.
فقال لي: إني أحب أن يتأذى الرجل بحر الشمس في طلب المعيشة.
وقال المفضل بن قرة: دخلنا على أبي عبد الله في حائط له (أي بستان) وبيده مسحاة يفتح بها الماء وعليه قميص، وكان يقول: إني لأعمل في بعض ضياعي وإن لي من يكفيني ليعلم الله أني أطلب الرزق الحلال.
وخرج (عليه السلام) في يوم صائف شديد الحر فاستقبله عبد الأعلى - مولى آل سام - في بعض طرق المدينة، فقال له: يا ابن رسول الله، حالك عند الله عز وجل، وقرابتك من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأنت تجهد نفسك في مثل هذا اليوم!!
فقال (عليه السلام): يا عبد الأعلى، خرجت في طلب الرزق لأستغني عن مثلك.