ثم رفع يده فقال: يا ذا المن والطول، يا ذا الجلال والإكرام، يا ذا النعماء والجود، ارحم شيبتي من النار.
ثم وضع يديه على لحيته، ولم يرفعهما، حتى امتلأ كفه دموعا.
وقال مصادف: كنت عند أبي عبد الله الصادق فدخل رجل فسلم عليه، فسأله الإمام: كيف من خلفت من إخوانك؟ فأجاب الرجل وأحسن الثناء وأطراهم. فسأله الإمام: كيف عيادة أغنيائهم على فقرائهم؟ فقال الرجل: قليلة.
قال الإمام: كيف مساعدة أغنيائهم لفقرائهم؟ فقال الرجل: قليلة.
قال الإمام: كيف صلة أغنيائهم لفقرائهم في ذات أيديهم؟ فقال الرجل:
إنك تذكر أخلاقا قل ما هي فيمن عندنا.
قال الإمام: فكيف يزعم هؤلاء أنهم شيعتنا؟!
قال إسحاق بن عمار: دخلت على أبي عبد الله الصادق فنظر إلي بوجه قاطب، فقلت: ما الذي غيرك لي؟
قال (عليه السلام): الذي غيرك لإخوانك، بلغني - يا إسحاق - أنك أقعدت ببابك بوابا يرد عنك الفقراء. فقلت: جعلت فداك، إني خفت الشهرة. فقال (عليه السلام):
ألا خفت البلية.
قال إسحاق بن إبراهيم: كنت عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام)، إذ دخل عليه رجل من خراسان فقال: يا ابن رسول الله، أنا من مواليكم، وبيني وبينكم شقة بعيدة، وقد قل ذات يدي، ولا أقدر أن أتوجه إلى أهلي إلا أن تعينوني، فنظر أبو عبد الله وقال: أما تسمعون ما يقول أخوكم؟
إنما المعروف ابتداء، فأما ما أعطيت بعد ما سأل إنما هو مكافأة لما بذل من ماء وجهه، أفيبيت ليلته متأرقا متململا بين اليأس والرجاء، لا يدري أين يتوجه