المحققين منهم شيخنا الأستاذ - قدس سره - إلى صحة فعلهما قبل حضور وقت العبادة الواجبة المشروطة بالطهارة بقصد القربة، وجعلوا رفع الحدث بهما من آثارهما القهرية المترتبة عليهما - إذا انعقدا على وجه الصحة، وهو وقوعهما على وجه العبادة - وإن لم يقصده الفاعل، ولو لا رجحانهما في أنفسهما واستحبابهما كذلك لما بقي وجه لحكمهم بصحتهما وبقصد القربة فيهما، فإن قصدها متوقف على إحراز كون الفعل راجحا في نفسه حتى يكون مقربا بتوجه القصد إليه، كما ذهب هؤلاء إلى صحتهما بعد دخول وقت العبادة الواجبة المشروطة بالطهارة إذا فعلهما بنية المطلوبية الذاتية، أعني بداعي جهة استحبابهما وان لم يكن الأمر الاستحبابي الآن موجودا لمنافاته للوجوب الغيري العارض لهما، كما مرت الإشارة إليه فيما سبق منا في مطاوي بعض الكلمات.
فإن قلت: إن هذا الذي ذكرت مسلم في الغسل والوضوء فإنهما مطلوبان من غير خصوصية زمان دون زمان، وأما التيمم فلا يمكن فيه ذلك، ضرورة أنه ليس مطلوبا إلا بعد حضور وقت العمل المشروط بالطهارة بعد تعذرها على المكلف، فليس فيه مطلوبية ذاتية ليكون مندوبا في جميع الأوقات والأحوال كما في الغسل والوضوء، فليس فيه إلا المطلوبية الغيرية العارضة في وقت خاص.
قلنا: العبادات لا يلزم أن تكون راجحة بالرجحان الذاتي الذي لا ينفك عن الشيء بل يمكن أن يكون رجحان بعضها بالوجوه والاعتبار، فنقول:
حينئذ إما يستكشف الرجحان الذاتي من ورود الأمر، ومن دليل اعتبار قصد القربة، ولا ريب أن الأمر بالتيمم لم يرد إلا في بعض الأحوال كما ذكر، والقدر المتيقن من الإجماع على اعتبار نية القربة أيضا إنما هو اعتباره في مقام ثبت مشروعيته، فالقدر المتيقن من رجحانه النفسي إنما هو رجحانه فيما ثبت