أصالة البراءة العقلية، بل تثبت هي أيضا الجواز في مرحلة الظاهر كالاستصحاب.
وبالجملة: العلم الإجمالي إنما يوجب تنجز الواقع على المكلف على سبيل لزوم موافقته القطعية إذا لم يكن في بعض أطرافه مرخص شرعي أو عقلي، وأما معه - كما هو الحال في المقام - فلا يقتضي أزيد من عدم جواز مخالفته القطعية، فيختص إيجابه للموافقة القطعية بما إذا كانت الأصول متعارضة في أطرافه، فافهم.
والحاصل: أن التكليف بتحصيل غرض الامتثال لا يتنجز على المكلف لعدم بيانه، فإن كان الغرض الواقعي هو ذلك فلا تكليف على المكلف أصلا لعدم بيانه.
نعم لو كان هو نفس الفعل فهو منجز عليه لبيانه بالفرض، فلزوم الإتيان به حينئذ لأجل كونه منجزا على المكلف وموجبا لاستحقاق العقاب عليه على تقدير كونه هو الغرض الواقعي، فيلزم العقل بلزوم الإتيان به لذلك.
وكيف كان، فالحق في مقام الشك في تعبدية وجوب شيء أو توصليته بالنظر إلى الأصول العملية هو الحكم بالتوصلية، لما عرفت.
وأما المقام الثالث:
فقد ذهب فيه جماعة إلى أن الحاصل - المستفاد من عمومات الكتاب والسنة - هي التعبدية، زاعمين دلالة بعض الآيات والأخبار على ذلك:
فمن الآيات قوله تعالى - حكاية عن تكليف أهل الكتاب -: وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين () الآية، أي ما امر أهل الكتاب في كتبهم إلا ليعبدوا الله الآية.