النعم المعنوية التي لا تقبل الفناء والنفاد. هذا أولا.
وثانيا إن الله تبارك وتعالى لم يزل ذاكرا لعباده بل الموجودات كلها ومحبا لها وراضيا عنها بالمعنى العام، ولولا ذلك، لم يكن لموجود حياة ولا رزق ولا بقاء قطعا.
وأما ما ورد في هذا الحديث الشريف من كلامه عز وجل: (ذكري ومحبتي ورضائي عنهم)، فالمراد بها هو معناها الخاص، أعني ذكره ومحبته ورضاه تعالى الخاصة، لا ما يتعلق بهم منه تعالى بحسب طبعهم ومظهريتهم، فإذا قال تعالى:
(أذكروني، أذكركم) أو قال: (أنا جليس من ذكرني.)، أو (يحبهم.) أو (يرضى عنهم.)، فهذا أمر خاص لهؤلاء غير ما لهم من الذكر والرضا والمحبة العامة منه تبارك وتعالى بطبعهم الأولي.
ثم الذي يترتب على هذه الأمور الخاصة منه تعالى للعبيد، هو أنهم يصلون إلى درجة رفيعة من الايمان، بحيث يجدون هذه الأمور في الدنيا بعلم اليقين أو عين اليقين أو حق اليقين، حتى يكون نعيمهم في الدنيا ذكره تعالى ومحبته إياهم ورضاه عنهم.
ولولا ذلك، لم يكن بين هذه الأمور الخاصة من الذكر والمحبة والرضا منه تعالى لهم وما يتعلق منه سبحانه بهم بحسب طبعهم، فرق.
وقد ظهر مما مر أن المراد من الذكر والمحبة والرضا، هو ذكر الله تعالى ومحبته ورضاه للعبد بقرينة قوله عز وجل: (ورضائي عنهم). وهذا المعنى أدق وألطف من أن يراد ذكر العبد ومحبته للحق سبحانه، ولذا اكتفينا بذكر الآيات والروايات الدالة على المعنى الأول، وأما بالمعنى الثاني فقد تقدم ويأتي ما يدل عليه من الآيات والأحاديث والأدعية بما لا مزيد عليه.