فحياته الاجتماعية تقتضي استمداده واستعانته من الآخرين واستخدامه لهم لرفع حوائجه، والاسلام لا يردع عن ما يقتضيه طبع الانسان، كما ورد في الحديث: (أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب.) (1) وما مضى من الآيات والروايات في التوكل أيضا تدل على تفسير هذا الكلام.
ويمكن أن تفسر جملة الحديث هذه بمعنيين آخرين باعتبار كلمة (الخلق) الموجود في الجملة:
أحدهما: أن هؤلاء العباد يصلون إلى درجة من اليقين (علم اليقين أو عين اليقين)، بحيث لا يرون للمخلوق قدرة ولا إرادة ولا فعلا، كي يسألوا حوائجهم منه.
ثانيهما: أن هؤلاء بما فضلوا من الكمال النفساني بعناية الله تعالى، يصلون إلى مرحلة من حق اليقين، بحيث لا يرون لأنفسهم ولا لمخلوق وجودا إلا الوجود الظلي الاعتباري، فلا يرفعون حوائجهم إلى غير الحقيقة المطلقة التي تكون معهم ومحيطة بهم وبكل شئ. والله أعلم.