أحد من العوام، فضلا عن الخواص والعلماء العظام المطلعين على الحقائق القرآنية والأحاديث القدسية والاخبار المروية والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله وعترته الطاهرة عليهم السلام.
كما ظهر أن الفناء بمعناه الحقيقي الذي بيناه ليس من مخترعات أهل الكمال والفلاسفة، بل هو مدلول غير واحد من آيات الكتاب العزيز، فإن الله تعالى في الآيات الأول من سورة الحديد المباركة بعد ذكر تسبيح الأشياء له سبحانه واختصاص مالكية السماوات والأرض وكذلك الاحياء والإماتة والقدرة، به تبارك وتعالى، قال: ﴿هو الأول والآخر، والظاهر والباطن﴾ (١) ومن المعلوم أن الكريمة ناظرة إلى بيان النظر الملكوتي والعالم الأمري وإحاطته تعالى بكل شئ، وليس معناها أن المظاهر تكون نفسه. تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا! ونعوذ بالله من هذا التوهم الفاسد.
وقال تعالى: ﴿ولا تدع مع الله إلها آخر، لا إله الا هو، كل شئ هالك إلا وجهه، له الحكم، واليه ترجعون﴾ (٢) فقد دلت الكريمة على ثبوت الفناء لجميع الأشياء فعلا، حيث قال تعالى: (كل شئ هالك.) ولم يقل: (كل شئ يهلك.) كما قال تعالى في سورة الرحمن: ﴿كل من عليها فان، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام﴾ (٣) ولم يقل: (كل من عليها يفنى.) حتى يثبت الفناء لجميع الأشياء، والمراد بوجه الرب هو أسمائه وصفاته تعالى، وليسا هما إلا عالم أمر الموجودات وملكوتها.
وقال تعالى في موضع آخر من كتابه العزيز: ﴿ولله المشرق والمغرب، فأينما تولوا فثم وجه الله﴾ (4) فقد عرفت آنفا أن المراد من (وجه الله) تعالى هو أسمائه وصفاته، فالكريمة تدل على أن كل ما نتوجه إليه هو وجهه سبحانه، مع أنا لا نتوجه بكل جهة