أقول: قد تقدم في ذيل كلامه عز وجل: " وصبروا على الجوع. " (1) آيات وروايات لتفسير بعض ما نحن بصدد بيانه من هذه الجملة.
وأما ما معنى " الصبر الذي ليس فيه ضجر "؟ فلعله هو الصبر الذي لا يحصل إلا لغير المحجوبين عن الفطرة، الواصلين إلى مقام حق اليقين، المستغرقين في محبة الله تعالى، لأنهم صبروا بأقسامه الثلاثة، فصبروا على الطاعة، وتحملوا ثقل أعبائها، بل لم يحسوا ثقلها، وصبروا عن المعصية بلا سخط ولا كراهة باطنية في تركها، بل مرادهم ومطلوبهم الباطني هو ترك المعصية، بحيث يضجرون بارتكابها أو إرادتها، وتحملوا ما أصابهم من الأذى في جنب الله صابرين محتسبين، ولا يرون البلاء منه تعالى بلاء، فقد علم من بياننا هذا ما المراد مما طلبه النبي صلى الله عليه وآله لزهاد أمته من الدرجة العالية والمنزلة الرفيعة.