فوجهه أولا إلى عالم الملك وأفوله، ثم إلى ما لا أفول له وهو ملكوت الأشياء، فرأى إبراهيم ملكوت الأشياء وملكوت نفسه بعين القلب وحقيقة ايمانه. فقال: * (انى وجهت وجهي للذي...) * فليس وجه إبراهيم ووجه عالم الملك إلا الملكوت الذي أراد الله أن يريها إبراهيم. وهي في الحقيقة أسمائه الحسنى وصفاته العليا التي تتحد مع الذات.
وأما كلامه عز وجل: " كما ينظرون إلى من فوقها. "، فلعل المراد به أنه كما يكون عالم الخلق والملك بجميع كمالاته مستندا إلى عالم الأمر والملكوت، كذلك عالم الملكوت مستند إلى عالم الذات الربوبي المتحد مع صفاته وأسمائه. وهذا هو المراد ب " من فوقها. " وهؤلاء الزاهدون وصلوا إلى كمال يرون بعين قلوبهم سوى عالم الملكوت، ذاته المتعالية مع صفاته وأسمائه وعينيتهما مع الذات، فتأمل.