أقول: يأتي في شرح كلامه عز وجل: " علما ليس بعده جهل. " (1) وقوله عز وجل:
" ويتخذ... العلم صاحبا. "، (2) وكلامه عز وجل: " يتخذ العلماء أحباء " (3) آيات وروايات تدل على فضل العلماء والمعلمين والعلم.
والذي ينبغي التوجه إليه هنا، هو أن التواضع الصوري والقلبي بمحضر المعلم والأستاذ، يوجب خلو ذهن المتعلم وفراغه عما يعلم، فيهتدي إلى ما هو أصلح وأنفع لدينه ودنياه من العلوم. وهذا هو العلم النافع، وإلا فالتعلم وحده مجردا عن التواضع، فن وصناعة وحصول نقوش وصور في الذهن، لا يزيد المتعلم إلا فخرا وغرا وجهلا، ولا يؤدى ذلك إلا إلى حب الدنيا ومظاهرها، فيرغب أن يكون له بساط في قبال أستاذه وغيره من أقرانه، فيدعو الناس إلى نفسه، وتكون له غرة وهمية وطلب الرياسة الكاذبة، ويسعى للوصول إلى الجاه والمقام والتفوق على الأقران، فيكون ممن قال الله تعالى فيهم: * (رضوا بالحياة الدنيا واطمأنوا بها، وكانوا عن آياتنا غافلين) * (4)، ويكون ممن يريد علوا في الأرض، والله تعالى يقول: * (تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا. والعاقبة للمتقين) * (5)