سجد سجدة طال مكثه فيها، فأحصينا له خمس مأة تسبيحة، ثم انصرف.) (1) 18 - روى: أنه، يعني، أبا الحسن موسى عليه السلام كان يصلي نوافل الليل ويصلها بصلاة الصبح، ثم يعقب حتى تطلع الشمس، ويخر لله ساجدا فلا يرفع رأسه من الدعاء والتحميد حتى يقرب زوال الشمس، وكان يدعو كثيرا فيقول: (اللهم! إني أسألك الراحة عند الموت، والعفو عند الحساب.) ويكرر ذلك. (2) 19 - عن حفص بن غياث قال: (رأيت أبا عبد الله عليه السلام يتخلل بساتين الكوفة، فانتهى إلى نخلة، فتوضأ عندها، ثم ركع وسجد، فأحصيت في سجوده خمس مأة تسبيحة، ثم استند إلى النخلة فدعا بدعوات، ثم قال: (يا حفص! انها النخلة التي قال الله لمريم (وهزي إليك بجذع النخلة، تساقط عليك رطبا جنيا) (3) أقول السجود هو خضوع صاحب النعمة والمال لولي نعمته ومعطي كماله، فإن كل نعمة وكمال وجودي يكون للمظاهر هو بمعطي وجوده، من غير أن يكون ذلك المعطي مباينا وفي معزل عن المعطى (بالفتح). والخضوع بهذا المعنى ثابت لجميع الأشياء والمظاهر بنص الكتاب والسنة، إذ الموجود الحادث كما يحتاج إلى معطي وجوده حدوثا، كذلك يحتاج إليه بقاء واستدامة. وهذا الفقر الذاتي والخضوع والتخشع من كل شئ لساحته تعالى المقدسة هو ما تسمى (بالسجدة التكوينية).
وأما توجه كل موجود بشعوره المختص به إلى أنه ينبغي ويلزم عليه الخضوع لمعطي وجوده وولي نعمته، فهو الذي يسمى (بالسجود غير التكويني). والسجود بهذا المعنى كما يتحقق لله سبحانه حين يتوجه الموجود إلى الله تعالى ويخضع له، كذلك يتحقق له سبحانه حين إظهار الفقر وسؤال الموجودات بعضهم عن بعض لرفع