ولا مجاز، والله تبارك وتعالى أتى بالميم وأسقط النون التي هي علامه المؤنث مكررة في صدر الكلام من قوله تعالى * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء) * إلى قوله * (وأطعن الله ورسوله) * ثم عدل بالكلام عنهن وأتى بعلامة المذكر فقال جل قائلا * (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) *، علم أنه لم يوجه الخطاب إلى المذكور الأول باتفاق أهل العربية، ثم عام إلى ذكر الأزواج فقال تعالى * (واذكرن ما يتلى في بيوتكن) *، فدل ذلك على إخراج من أخرجه الكلام الإلهي من آل محمد عليهم السلام بما علقه من حكم الطهارة الموجبة للعصمة وجليل الفضيلة.
وهذا يسمى نقل خطاب مذكر إلى مؤنث، كما نقل خطاب الحاضر إلى الغائب في قوله تعالى * (حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة) * (1)، وذلك للفصاحة والبلاغة.
فإن قيل: إن الإذهاب لا يكون إلا بعد الثبوت في قوله تعالى * (ليذهب عنكم الرجس) * يدل على أنه كان ثابتا فيهم.
فالجواب: إن هذا ليس بشئ، لأن التخيل الذهني لا يكون ثابتا، ألا ترى أنك تقول (2) للمخاطب (أذهب الله عنك كل مرض) * وإن كان غير حاصل فيه، لكن الخيال الذهني لما تصور ذلك حسن الدعاء له بإذهابه عنه مع أنه غير حاصل فيه. فهذه الآية تزيل الخيال الذي يتصوره الإنسان في ذهنه.