عصفور، فأخذ بمنقاره قطرة من البحر ثم جاء حتى وضعها على يد موسى، فقال: موسى: ما هذا؟ فقال: هذا العصفور يقول: والله ما علمكما في علم وصي النبي الذي يأتي في آخر الزمان إلا كما أخذت بمنقاري هذا من هذا البحر.
وروى جدي في نخبه حديثا مسندا عن جده جابر الأنصاري وعن أبي سعيد الخدري وعن عبد الله بن عباس في خبر طويل أنه قال خالد بن الوليد: رآني الأصلع - يعني عليا - عند منصرفي من قتال أهل الردة في عسكري وهو في أرض له وقد ازدحم الكلام في حلقه كهمهمة الأسد وقعقعة الرعد، قال لي: ويلك أو كنت فاعلا؟ فقلت: أجل. فاحمرت عيناه وقال: يا بن اللخناء أمثلك يقدم على مثلي أو يجسر أن يدير اسمي في لهواته. في كلام له، ثم قال: فنكسني والله عن فرسي ولا يمكنني الامتناع منه، فجعل يسوقني إلى رحاء للحارث بن كلدة، ثم عمد إلى قطب الرحى الحديد الغليظ الذي عليه مدار الرحى، فمد في عنقي بكلتا يديه ولواه في عنقي كما ينفتل الأديم، وأصحابي كأنهم نظروا إلى ملك الموت، فأقسمت له بحق الله ورسوله، فاستحيى وخلى سبيلي.
قالوا: فدعى أبو بكر جماعة الحدادين فقالوا: إن فتح هذا القطب لا يمكننا إلا أن نحميه بالنار. فبقي ذلك أياما والناس يضحكون منه، فقيل:
إن عليا جاء من سفره، فأتى به أبو بكر إلى علي يشفعه في فكه، فقال علي عليه السلام: إنه لما رأى تكاثف جنوده وكثرة جموعه أراد أن يضع مني في موضعي فوضعت منه عندما خطر بباله وهمت به نفسه. ثم قال: وأما الحديد الذي في عنقه فلعله لا يمكنني في هذا الوقت فكه، فنهضوا