الشراب (1)، وكان قصده عليه السلام بإعداد قليل الطعام والشراب لجماعتهم إظهار المعجز لهم في شبعهم وريهم من طعام وشراب لا يشبع الواحد منهم ولا يرويه.
ثم أمر بتقديمه لهم، فأكلت الجماعة كلها من ذلك الطعام اليسير حتى تملوا منه ولم يبن ما أكلوا منه وشربوا، فبهرهم بذلك وبين لهم آية نبوته وعلامة صدقه ببرهان الله تعالى فيه، ثم قال لهم بعد ما شبعوا من الطعام ورووا من الشراب: يا بني عبد المطلب إن الله تعالى أرسلني إلى الخلق كافة وإليكم خاصة فقال * (وأنذر عشيرتك الأقربين) *، وأنا أدعوكم إلى كلمتين خفيفتين على اللسان، ثقيلتين في الميزان، تملكون بهما العرب والعجم، وتنقاد لكم بهما الأمم، وتدخلون بهما الجنة، وتنجون بهما من النار، شهادة إن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فمن يجيبني إلى هذا الأمر ويؤازرني على القيام به يكن أخي ووصيي ووزيري ووارثي وخليفتي من بعدي. فلم يجبه أحد منهم.
فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: فقمت بين يديه من بينهم وأنا إذ ذاك أصغرهم سنا وأخمصهم ساقا وأرمصهم عينا (2)، فقلت: أنا يا رسول الله أوازرك على هذا الأمر. فقال: إجلس.
ثم أعاد القول على القوم ثانية فصمتوا، فقمت وقلت مثل مقالتي الأولى. فقال: إجلس.
ثم أعاد على القوم ثالثة فلم ينطق أحد منهم بحرف، فقمت وقلت: أنا