وحمدوا الله، فلما جلس قال أبو بكر للراهب: سل هذا، فعنده ما تلتمس من العلوم، وهو صاحبك وبغيتك.
فأقبل الراهب بوجهه إلى علي عليه السلام ثم قال: يا فتى ما اسمك؟
قال: اسمي عند اليهود (آليا)، وعند النصارى (إيليا)، وعند والدي علي، وعند أمي حيدرة.
فقال: ما محلك من نبيك؟ قال: أخي وأنا صهره وابن عمه. قال الراهب: أنت صاحبي ورب عيسى، أخبرني عن شئ ليس لله ولا من الله ولا من عند الله وعن شئ لا يعلمه الله.
فقال له علي: [على الخبير سقطت]، أما قولك (ما ليس لله) فإن الله تعالى ليس له صاحبة ولا ولد، وأما قولك (ولا من عند الله) فليس عنده ظلم للعباد، وأما قولك (لا يعلمه الله) فأن الله لا يعلم له شريكا في الملك.
فقام الراهب فقطع زناره وأخذ برأسه وقبل ما بين عينيه، وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وأنك الخليفة وأمين هذه الأمة ومعدن الدين والحكمة ومنبع عين الحجة، وقد قرأت اسمك في التوراة والإنجيل والقرآن كما ذكرت، ووجدنا في الكتب السالفة حيدرة، ووجدتك بعد النبي وصيا وللإمارة وليا، وأنت أحق بهذا المجلس من غيرك، فأخبرني ما شأنك معزولا عن مقامك (1)؟ فأجابه علي عليه السلام بشئ.
فقام الراهب وسلم المال إليه بأجمعه، فما برح علي من مكانه حتى فرقه في مساكين أهل المدينة ومحاويجهم، وانصرف الراهب إلى أهله