مع أن شعر حسان بن ثابت بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله - وقد سبق - دليل على أن النبي أراد الإمامة وفرض الطاعة دون الأقسام الباقية.
وكيف يحسن ممن نظر في الأمور أن يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله هبط في ذلك الوقت بالحاج العظيم، وكان الرجل يستظل بدابته ويضع رداءه تحت قدميه من شدة الرمضاء والحر الشديد، حتى أن النبي (ص) استعفى ثلاث مرات أن يعفيه الله من ذلك المقام فلم يعفه، وخاف الرسول أن يقتله الناس فبشره الله بالعصمة من الناس وأنذره إن لم يفعل فما بلغ رسالته، فقال جل قائلا * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (1)، والرسول صلى الله عليه وآله أفضل البرية وأرجحهم رأيا وأكملهم حكمة، والمراد من الله تعالى إليه متصلة، والله المتعالي أمره بذلك.
أيحسن حينئذ منه - والحال هذه - أن يقول: إن الرسول صلى الله عليه وآله أراد إعلام الناس أن علي بن أبي طالب عليه السلام ابن عمه أو ناصره أو جاره أو مالك رقه أو معتقه إلى غير ذلك من أقسام الغلظة النبوية (2).
فيكون الرسول صلى الله عليه وآله مع شرفه العظيم نزل في ذلك الوقت النائل لتحصيل الحاصل.
وهل يصلح ذلك المحفل المشهور والتبليغ الذي بلغ النهاية القصوى والغاية العظمى والتنزيل بالوحي من الله جل وعلا والتهنئة من أبي بكر وعمر (هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة) وقوله