يدعوك دعوة ملهوف كأن به * مسا من الجن أو مسا من البشر (1) فإن تدعهم فمن يرجون بعدكم * أو تنج منها فقد أنجيت من ضرر هذي الأرامل قد قضيت حاجتها * فمن لحاجة هذا الأرمل الذكر خليفة الله ماذا تأمرون بنا * لسنا إليكم ولا في دار منتظر أنت المبارك والمهدي سيرته * تعصى الهوى وتقوم الليل بالسور قال: فبكى عمر، وهملت عيناه، وقال: ارفع حاجتك إلينا يا جرير. قال جرير: ما عودتني الخلفاء قبلك. قال: وما ذلك؟ قال: أربعة آلاف دينار (6)، وتوابعها من الحملان والكسوة. قال عمر: أمن أبناء المهاجرين أنت؟ قال: لا.
قال: أفمن أبناء الأنصار أنت؟ قال: لا. قال: أفقير أنت من فقراء المسلمين؟
قال: نعم. قال: فأكتب لك إلى عامل بلدك، أن يجري عليك ما يجري على فقير من فقرائهم. قال جرير: أنا أرفع من هذه الطبقة يا أمير المؤمنين. قال:
فانصرف جرير. فقال عمر: ردوه علي. فلما رجع قال له عمر: قد بقيت خصلة أخرى، مني هذه يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: إنها والله لمن خالص مالي، ولقد أجهدت لك نفسي. فقال جرير: والله يا أمير المؤمنين إنها لأحب مال كسبته.
ثم خرج، فلقيه الناس فقالوا له: ما وراءك؟ قال: جئتكم من عند خليفة يعطي الفقراء، ويمنع الشعراء وإني عنه لراض (3).
دخول الخوارج على عمر بن عبد العزيز قال: وذكروا أن ابن حنظلة (4) أخبرهم قال: بعثني وعون بن عبد الله عمر بن عبد العزيز إلى خوارج خرجت عليه بالحيرة، رأسهم رجل من بني شيبان يقال له شوذب، وكتب معنا كتابا إليهم، فقدمنا عليهم، فبعثوا معنا إليه رجلين