في ناحية الحجر، ومعهم ابن الزبير، وأهل الشام يرمونهم بالنبل. قال: فوقعت بين يديه نبلة. قال: في هذه خبر، فأخذوها فوجدوا بها مكتوبا: مات يزيد بن معاوية يوم الخميس لأربع عشرة ليلة خلت من ربيع الأول. فلما قرأ ذلك ابن الزبير قال: يا أهل الشام، يا محرقي بيت الله، يا مستحلي حرم الله، علام تقاتلون؟ وقد مات طاغيتكم يزيد بن معاوية، فأتاه الحصين بن نمير فقال له:
موعدك البطحاء الليلة يا أبا بكر. فلما كان الليل خرج ابن الزبير بأصحابه، وخرج الحصين بأصحابه إلى البطحاء، فتنحى كل واحد منهما من أصحابه وانفردا، فقال الحصين: يا أبا بكر، قد علمت أني سيد أهل الشام، لا أدافع عن ذلك، وأن أعنة خيلهم بيدي، وأرى أهل الحجاز قد رضوا بك، فأبايعك الساعة، على أن تهدر كل شئ أصبناه يوم الحرة، وتخرج معي إلى الشام، فإني لا أحب أن يكون الملك في الحجاز. قال: لا والله لا أفعل لا أؤمن من أخاف الناس، وأحرق بيت الله، وانتهك حرمته. فقال الحصين: بلى، فافعل، فعلي إلا يختلف عليك اثنان. فأبى ابن الزبير. فقال له الحصين: لعنك الله، ولعن من زعم أنك سيد، والله لا تفلح أبدا، اركبوا يا أهل الشام. فركبوا وانصرفوا قال:
فحدثني من شهد انصرافهم، قال: والله إن كانت الوليدة لتخرج فتأخذ الفارس ما يمتنع. قال أبو معشر: وذلك أن المنهزم لا فؤاد له. قال: فبايع أهل الشام كلهم ابن الزبير، إلا أهل الأردن (1)، وبايع أهل مصر ابن الزبير، وغلب على أهل العراق والحجاز واليمن، وغلظ أمره، وعظم شأنه، واستخلف ابن الزبير الضحاك بن قيس على أهل الشام.
اختلاف أهل الشام على ابن الزبير قال: وذكروا أن ابن الزبير لما استخلف الضحاك على أهل الشام، قام أناس من أهل الشام من رؤس قريش بني أمية وأشرافهم وفيهم روح بن زنباع الجذامي، فقال بعضهم: إن الملك كان فينا أهل الشام، أفينتقل ذلك إلى أهل الحجاز؟ لا نرضى بذلك (2)، هل لكم أن تأخذوا رجلا منا فينظر في هذا الأمر؟