قال: عجبت من جرأتك على الله، وحلم الله عليك (1) قال الحجاج: إنما أقتل من شق عصا الجماعة ومال إلى الفرقة التي نهى الله عنها، اضربوا عنقه. قال سعيد: حتى أصلي ركعتين، فاستقبل القبلة وهو يقول: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا من المشركين (2). قال الحجاج: اصرفوه عن القبلة إلى قبلة النصارى، الذين تفرقوا واختلفوا بغيا بينهم، فإنه من حزبهم، فصرف عن القبلة. قال سعيد: (فأينما تولوا فثم وجه الله) (3) الكافي بالسرائر.. قال الحجاج: لم نوكل بالسرائر، وإنما وكلنا بالظواهر. قال سعيد:
اللهم لا تترك له ظلمي، واطلبه بدمي، واجعلني آخر قتيل يقتل من أمة محمد فضربت عنقه، ثم قال الحجاج: هاتوا من بقي من الخوارج، فقرب إليه جماعة فأمر بضرب أعناقهم، وقال: ما أخاف إلا دعاء من هو في ذمة الجماعة من المظلومين، فأما أمثال هؤلاء فإنهم ظالمون حين خرجوا عن جمهور المسلمين، وقائد سبيل المتوسمين.
وقال قائل: إن الحجاج لم يفرغ من قتله حتى خولط في عقله، وجعل يصيح قيودنا، يعني القيود التي كانت في رجل سعيد بن جبير (1)، ويقول: متى كان الحجاج يسأل عن القيود أو يعبأ بها؟ وهذا يمكن القول فيه لأهل الأهواء في الفتح والإغلاق.
ذكر بيعة الوليد وسليمان ابني عبد الملك قال: وذكروا أنه لما فرغ الحجاج من قتل الخوارج، وتم له أمر العراق، فاستقر ملك عبد الملك، كتب إليه الحجاج أن يبايع للوليد ابنه (5)، ويكتب له عهده للناس؟ فأبى ذلك عبد الملك، لأن أخاه عبد العزيز كان حيا، وكان قد استعمله عبد الملك على مصر، وكتب إلى الحجاج يوبخه، ويقول له ما لك أنت