على البيان أقدر منك على استحيائنا بعد القتل، فأوقرهم حديدا، وأخرجهم معه إلى كتامة، وخرج هو بنفسه. فلما بلغهم خروج موسى، تلقاه وجوه كتامة معتذرين، فقبل منهم، وتبينت له برأتهم، واستحيا رهونهم.
فتح صنهاجة (1) قال: وذكروا أن الجواسيس أتوا موسى، فقالوا له: إن صنهاجة بغرة منهم وغفلة، وإن إبلهم تنتج، ولا يستطيعون براحا، فأغار عليهم موسى بأربعة آلاف من أهل الديوان، وألفين من المتطوعة، ومن قبائل البربر، وخلف عياشا على أثقال المسلمين وعيالهم بظبية في ألفي فارس، وعلى مقدمة موسى عياض بن عقبة، وعلى ميمنته المغيرة بن أبي بردة، وعلى ميسرته زرعة بن أبي مدرك، فسار موسى حتى غشي صنهاجة، ومن كان معها من قبائل البربر، وهم لا يشعرون، فقتلهم قتل الفناء، فبلغ سبيهم يومئذ مئة ألف رأس، ومن الإبل والبقر والغنم والخيل والحرث والثياب ما لا يحصى، ثم انصرف قافلا إلى القيروان، وهذا كله في سنة ثمانين فلما سمعت الأجناد بما فتح الله على موسى وما أصاب معه المسلمون من الغنائم رغبوا في الخروج إلى الغرب، فخرج نحو مما كان معه، فالتقى المغيرة وصنهاجة، فاقتتلوا قتالا شديدا، ثم إن الله منحه أكتافهم وهزمهم، فبلغ سبيهم ستين ألف رأس ثم انصرف قافلا.
فتح سجوما قال: وذكروا أنه لما كان سنة ثلاث وثمانين، قدم على موسى نجدة عبد الله بن موسى في طالعة أهل مصر. فلما قدم عليه، أمر الناس بالجهاد والتأهب، ثم غزا يريد سجوما وما حولها، واستخلف عبد الله بن موسى على القيروان، ثم خرج وهو في عشر آلاف من المسلمين، وعلى مقدمته عياض بن عقبة، وعلى ميمنته زرعة بن أبي مدرك، وعلى ميسرته المغيرة بن أبي بردة القرشي، وعلى ساقته نجدة بن مقسم، فأعطى اللواء ابنه مروان، فسار حتى إذا