ظفر بالرجلين، ألا يدع بخراسان عربيا إلا قتله، فانطلق الرسول بالكتاب إلى مروان، فوضعه في يده. فكتب مروان إلى الوليد بن معاوية (1)، وهو على دمشق:
أن أكتب إلى عاملك بالبلقاء (2)، فليأخذ إبراهيم بن محمد فليشده وثاقا، ثم يبعث به إليك، ثم وجه به إلي، فأتى إليه وهو جالس في مسجد القربة، فأخذ إلى دمشق، ودخل على مروان، فأنبه وشتمه، فاشتد لسان إبراهيم عليه، ثم قال: يا أمير المؤمنين، ما أظن ما يروي الناس عنك إلا حقا في بعض بني هاشم. فقال: أدركك الله بأعمالك، اذهب به، فإن الله لا يأخذ عبدا عند أول ذنب، اذهب به إلى السجن. فقال أبو عبيدة: فكنت آتيه في السجن، ومعه عبد الله بن عمر بن عبد العزيز، فوالله إني ذات ليلة في سقيفة السجن، بين النائم واليقظان، إذ مولى لمروان قد استفتح، ومعه عشرون رجلا من موالي مروان، من الأعاجم، ومعه صاحب السجن، ففتح لهم فدخلوا، وأصبحنا فإذا عبد الله بن عمر، وإبراهيم بن محمد ميتان (3)، فانكسر لذلك مسلم بخراسان، إذا بلغه موت إبراهيم، وانكسرت الشيعة، واستعلى أمر الكرماني، فلما رأى أبو مسلم ذلك قال له: إنا معك، ثم دارت الأحوال بين نصر والكرماني، حتى غدر نصر بالكرماني فقتله وصلبه (4)، فخاف نصر على نفسه من أبي مسلم.
ذكر ما أمال أصحاب الكرماني إلى أبي مسلم قال: وذكروا أن أبا مسلم كتب إلى نصر: إنه قد جاءنا من الإمام كتاب فهلم نعرضه عليك، فإن فيه بعض ما تحب. فدخل عليه رجل (5) فقال: (إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك، فاخرج إني لك من الناصحين) [القصص: 20].
فقال نصر: ادخل فالبس ثيابي، فدخل بستانا له، وقد تقدم إلى صاحب دوابه،