الرجال، وأخذوا الأموال وغلوا الأطفال في المراجل، ثم قدموا على أصحابهم من الكوفة وهم كافون عن الدماء والفروج والأموال، هل تبرأت إحدى الطائفتين من الأخرى، أو لعنت إحداهما الأخرى، قالا: لا. قال: فتتولونهما على خلاف سيرتهما. قالا: نعم. فقال عمر: فهؤلاء الذين اختلفوا بينهم في السيرة والأحكام لم يتبرأ بعضهم من بعض، ولا لعن بعضهم بعضا، وأنتم تتولونهم على خلاف سيرتهم فهل وسعكم في دينكم ذلك، ولا يسعني حين خالفت أهل بيتي في الأحكام والسيرة حتى ألعنهم وأتبرأ منهم؟ أخبراني عن اللعن: فرض على العبادة؟ قالا: نعم. فقال عمر: متى عهدك بلعن فرعون؟ قال: ما لي به من عهد منذ زمان. قال عمر: هذا رأس من رؤوس الكفار ليس لك عهد بلعنه منذ زمان، وأنا لا يسعني أن ألعن من خالفتهم من أهل بيتي، ألستم أنتم الذين تؤمنون من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيفه، وتخيفون من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنه؟ فقالا: نبرأ إلى الله تعالى من هذه الصفة.
فقال: بلى فسأخبركما عن ذلك، ألستما تعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج والناس أهل كفر، فدعاهم أن يقروا بالله ورسوله، فمن أبى قاتله وخوفه، ومن أقر بهما أمنه وكف عنه، وأنتم اليوم من مر بكم يقر بهما قتلتموه، ومن لم يقر بهما أمنتموه وخليتم سبيله، فقال العربي (1): تالله ما رأيت حجيجا (2) أقرب مأخذا، ولا أوضح منهاجا منك، أشهد أنك على الحق، وأنا على الباطل. وقال الآخر: لقد قلت قولا حسنا، وما كنت لأفتات على أصحابي حتى ألقاهم (3) فلحق بأصحابه، وأقام الآخر عند عمر، فأجرى عليه العطاء والرزق حتى مات عنده (4).