فأكثر. فأرسل إليه موسى: إنا لم نأت هاهنا للدعاء للوليد، فأقبل على ما له جئنا فعدنا، فلم يلتفت، ورجا أن يبلغ الوليد، فأمر به فسحب، حتى خرج من الناس، ثم قام موسى ودعا بالناس، فما برحنا حتى انصبت السماء بمثل القرب، فأتى موسى بدابة من دوابه. فقال: والله لا ركبت، ولكن أخوض الطين، وانصرف ماشيا، ومشى الناس، فسمعته يومئذ يردد في دعائه: اللهم الشهادة في سبيلك، أو موتا في مدينة رسولك.
قال: فذكروا أن عرفة بن عكرمة حدثهم عن مشايخ من مراد عن رجل منهم كان مع موسى بالأندلس قال: كنت أبصر من مجاري الشمس والقمر شيئا، فوقع في عند موسى، وقيل له عنده علم، فوالله ما شعرت حتى أتيت فأخذت، فأدخلت عليه، فإذا بين يديه عصفور مذبوح، مشقوق البطن قال لي: أدخل يدك فانظر. قلت: أصلح الله الأمير، طلقت امرأته البتة إن كان يعلم قليلا أو كثيرا، إلا ما يعلم الناس من مجاري الشمس والقمر. قال: فأمر بي فنحيت، ثم دعا برجل من الأعاجم، قال: أدخل يدك، فانظر ماذا ترى، وكان من الأسارى، فأدخل يده في جوف العصفور، فحركه طويلا، ثم قلبه، ثم قال للترجمان بلسانه: إنه ليس يموت هاهنا، ولكنه يموت بالمشرق في بلاد العرب، فنظر إليه موسى، ثم قال له: قاتلك الله ما أعلمك، قال: ثم أمر به فقتل، ثم دعاني، فأخذ علي الإيمان أن لا أتكلم به ما بقي، ففعلت. وكان دخول موسى المغرب سنة تسع وسبعين، في جمادى الأولى، وكان يومئذ ابن ستين سنة، فأقام بأفريقية ست عشرة سنة، وقفل منها سنة خمس وتسعين، ومات سنة ثمان وتسعين، وولى عبد الله بن موسى بأفريقية وطنجة والسوس، بعد موسى أبيه سنتين، وكان عزله عنها في ذي الحجة، سنة سبع وتسعين، وقيل سنة تسع وتسعين (1).
ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير قال: وذكروا أن عبد العزيز بن موسى ولي الأندلس بعد أبيه سنة، ثم قتل، وولي بعده أيوب بن حبيب ستة أشهر، ثم الحارث (2) بن عبد الرحمن ثلاث سنين