وقال: (وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم، ويعفو عن كثير) [الشورى: 30] يا أهل الشام ما ترون في هؤلاء؟ فقال رجل من أهل الشام لا تتخذن من كلب سوء جروا. فقال النعمان بن بشير: يا أمير المؤمنين! اصنع بهم ما كان يصنع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو رآهم بهذه الحال.
فقالت فاطمة بنت الحسين (1): يا يزيد بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فبكى يزيد حتى كادت نفسه تفيض، وبكى أهل الشام حتى علت أصواتهم. ثم قال: خلوا عنهم، واذهبوا بهم إلى الحمام، واغسلوهم، واضربوا عليهم القباب، ففعلوا، وأمال عليهم المطبخ وكساهم، وأخرج لهم الجوائز الكثيرة من الأموال والكسوة ثم قال: لو كان بينهم وبين عاض بظر أمه (2) نسب ما قتلهم، ارجعوا إلى المدينة. قال: فبعث بهم من صار بهم إلى المدينة.
إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة قال: وذكروا في قصة إخراج بني أمية عن المدينة، قالوا: بعث عثمان بن محمد أمير المدينة إلى يزيد بقميصه مشقوقا وكتب إليه: وا غوثاه! إن أهل المدينة أخرجوا قومنا من المدينة (3).
قال أبو معشر: فخرج يزيد بعد العتمة، ومعه شمعتان شمعة عن يمينه، وشمعة عن يساره، وعليه معصفرتان، وقد نقش جبهته كأنها ترس، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: أما بعد، يا أهل الشام، فإنه كتب إلي عثمان بن محمد أن أهل المدينة أخرجوا قومنا من المدينة، ووالله لأن تقع الخضراء على الغبراء أحب إلي من هذا الخبر. قال: وكان معاوية أوصى يزيد فقال له: إن رابك من قومك ريب، أو تنقص عليك منهم أحد، فعليك بأعور بني مرة، فاستشره، يعني مسلم بن عقبة، فلما كانت تلك الليلة قال يزيد: أين مسلم ابن عقبة؟ فقام فقال: ها أنا ذا. قال: عبئ ثلاثين ألفا من الخيل. قال:
وكان معقل بن سنان الأشجعي نازلا على مسلم بن عقبة. فقال له مسلم بن عقبة: إن