يزيد بن المهلب: أنا يا أمير المؤمنين قال: فخذه ولا تمسه، وضع العذاب على ابنيه مروان، وعبد الأعلى (1)، فخرج به يزيد فحمله على دابة ابنه، ثم انصرف به إلى منزله، فأكرمه وبره. وقال له: أطع أمري، وأجب أمير المؤمنين إلى مقاضاته عن نفسك وعن ابنيك، وحملني كل ما قاضيته عليه. فقال له موسى: أما إذا كنت أنت صاحب هذا الشأن، فأنا غير مخبرك فيما ضمنت لأمير المؤمنين، وأيم الله لو أمر سواك بي، وأمره بالبسط علي، لكان أحب إلي أن ألقى الله عز وجل، وأقرب إلي من أن يأخذوا مني دينارا واحدا، ولكن أديا يا ابني عن أنفسكما وعن أبيكما، فقالا: نعم، فغدا يزيد بن المهلب إلى سليمان، فأعلمه بذلك، وبرضا موسى بمقاضاته، فأدخله سليمان عليه. فقال موسى: أرأيت لو لم أقاضك ما كنت فاعلا؟ فقال سليمان: أضع العذاب عليك وعلى ابنيك حيى أبلغ ما أريد، أو آتي على أنفسكم. فقال موسى: الآن طابت نفسك يا أمير المؤمنين فأعطني أربع خصال، ولك ما دعوتني إليه من هذا المال. فقال: وما هن؟ قال: لا تعزل عبد الله بن موسى عن أفريقية وجميع عمله سنتين، وأن كل ما جباه عبد الله بأفريقية، وعبد العزيز بالأندلس، فهو لي فيما قاضيت عليه أمير المؤمنين، وأن تدفع إلي طارقا مولاي، وأكون أملا به عينا وبماله. فقال له سليمان: أما ما سألت من إقرار عبد العزيز وعبد الله على مكانهما فذلك لك. وأما ما سألت من دفع طارق إليك فتكون أملا عينا به وبماله، فليس هذا جزاء أهل النصيحة لأمير المؤمنين، فلست بفاعل، ولا مخل بينك وبين عقوبته، ولا أخذ ماله، فقاضاه موسى على مال، فأجله في ذلك، وخلى سبيله.
نسخة القضية هذا ما قاضي عليه عبد الله سلميان أمير المؤمنين موسى بن نصير، قاضاه على أربعة آلاف ألف دينار، وثلاثين ألف دينار، وخمسين دينارا ذهبا طيبة وازنة يؤديها إلى أمير المؤمنين، وقد قبض منها أمير المؤمنين مئة ألف، وبقي على موسى سائر ذلك، أجله أمير المؤمنين إلى سير رسول أمير المؤمنين إلى ابني موسى الذي بالأندلس، والذي فإفريقية، يمكث شهرا بالأندلس، وليس له أن يمكث وراء ذلك يوما واحدا، حتى يقفل راجعا بالمال، إلى ما كان من أفريقية