الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الشيري - ج ٢ - الصفحة ١٥٥
نحو من ثلاثين رجلا، وهو قائم بيده السيف، منكسا رأسه لا ينظر إليهم، وهو يذب عن نفسه، فضربه رجل (1)، ضربة، ثم صرعه، ثم أكب عليه فاحتز رأسه، فخرج به وانصرف الناس إلى دمشق فبايع الناس ليزيد بن الوليد بن عبد الملك.
وذلك في ذي الحجة من سبع وعشرين ومئة (2)، فكان خليفة ستة أشهر، ثم مات في جمادى الأولى، ثم ولى إبراهيم بن الوليد فبويع له في جمادى الأولى، فمكث ثلاثة أشهر (3)، ثم خلع وهرب.
ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم قال: وذكروا أنه لما خلع إبراهيم بن الوليد، خرج مروان بن محمد في صفر، سنة سبع وعشرين ومئة، ومعه أهل الجزيرة، وأهل حمص (4)، فدعا إلى نفسه بالبيعة، ووعد الناس خيرا فرضي به أكثر الناس لشجاعة كانت فيه، وسخاء يوصف به، فملك الشام، واستقل له الأمر، وغلظ شأنه، واستعلى سلطانه، وبايع له أهل العراق والحجاز، وهابه الناس وخافوه، واستعمل العمال في الآفاق والأمصار، وكانت الشيعة تتكاتب على الكتمان لذلك، وتتلاقى على السر.
قال: فلما كانت سنة ثمان وعشرين ومائة اجتمعت الشيعة.

(١) في ابن الأثير: ضربه عبد السلام على رأسه، وضربه السندي في وجهه، ثم احتزوا رأسه.
وينفرد صاحب الأخبار الطوال في أنهم لم يقتلوه بل خلعوه فلبث مخلوعا أياما كثيرة، وهو خليع بني أمية (ص ٣٤٩).
(٢) قتل الوليد لليلتين بقيتا من جمادى الآخرة سنة ١٢٦ وبويع يزيد، وتوفي لعشر بقين من ذي الحجة وكانت خلافته ستة أشهر وليلتين. وقيل غير ذلك.
أنظر في ذلك ثبت بمصادر ترجمته (ابن الأثير ٣ / ٤٢٤ من تحقيقنا دار إحياء التراث العربي - لبنان).
(٣) في مروج الذهب ٣ / ٢٦٨ أربعة أشهر، وقيل: شهرين. وفي ابن الأثير ٣ / ٤٢٥: وقيل سبعين يوما.
(٤) قام مروان بن محمد بحجة الثأر لمقتل الوليد بن يزيد (الخليفة المظلوم كما سماه) إنما حقيقة حركته هي اشتداد الصراع الدموي بين اليمانية والقيسية (جناحا السلطة الأموية) وقد غلبت القيسية المضرية وتلاوموا فيما بينهم لغلبة اليمانية عليهم وتكاتبوا وتداعوا وبايعوا مروان بن محمد وكان يومئذ شيخ بني أمية ورجلهم الكبير.
وكانت معركة مروان، عملية تصفية حسابات خطيرة بين اليمانية والقيسية حيث جرت بينهما تصفيات وعمليات قتل من الطرفين وبينهما وانتقل الصراع وامتد إلى خراسان ثم إلى مناطق تواجدهما في جميع مناطق الدولة الإسلامية (الطبري - ابن الأثير - الأخبار الطوال).
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»
الفهرست