الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الشيري - ج ٢ - الصفحة ٥
ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد قال: وذكروا أنه لما بويع يزيد بن معاوية خرج الحسين حتى قدم مكة (1)، فأقام هو وابن الزبير (2). قال: وقدم عمرو بن سعيد بن العاص (3) في رمضان أميرا
(١) مر في الجزء الأول (راجع ص ٢٢٦ - ٢٢٧) أن يزيد بن معاوية بعد بيعته بالشام بالخلافة أرسل إلى واليه بالمدينة أن يأخذ بيعة الحسين بن عليوعبد الله بن الزبيروعبد الله بن عمر وغيرهم. وأن والي المدينة الوليد بن عتبة (كما في الطبري) دعاهم لإتمام البيعة فاستمهلوه ثم إن ابن الزبير لحق بمكة من ليلته. وأن الحسين بن علي خرج بعده بليلة ببنيه وأخوته وبني أخيه وجل أهل بيته إلا محمد بن الحنفية (أنظر الأخبار الطوال ص ٢٢٨). وبعض المؤرخين (ابن الأعثم 5 / 33) يقول إن الحسين بن علي تأخر في رحيله عن المدينة. وأنه جاهر مروان بن الحكم برفض البيعة ليزيد. عند ذلك كتب الوليد بن عتبة إلى يزيد بن معاوية (رواية المقتل 2 / ألف): بسم الله الرحمن الرحيم إلى عبد الله يزيد أمير المؤمنين.. أما بعد فإن الحسين بن علي ليس يرى لك خلافة ولا بيعة، فرأيك في أمره والسلام.
فعندما ورد كتابه على يزيد غضب غضبا شديدا وكتب إلى الوليد بن عتبة: من عبد الله يزيد أمير المؤمنين إلى الوليد بن عتبة، أما بعد، فإذا ورد عليك كتابي هذا فخذ البيعة ثانية على أهل المدينة بتوكيد منك عليهم، وذر عبد الله بن الزبير فإنه لن يفوتنا ولن ينجو منا أبدا ما دام حيا، وليكن مع جوابك إلي رأس الحسين بن علي، فإن فعلت ذلك فقد جعلت لك أعنة الخيل، ولك عندي الجائزة والحظ الأوفر والنعمة واحدة والسلام (ابن الأعثم 5 / 36).
ثم أن الحسين عزم على الخروج إلى مكة، حتى إذا صار فيها استخار الله في أمره بعد ذلك.
(2) بقدوم الحسين بن علي إلى مكة اشتد الأمر على عبد الله بن الزبير لأنه كان قد طمع أن يبايعه أهل مكة، وجعل أهل مكة يختلفون إلى الحسين بكرة وعشية، فشق ذلك على ابن الزبير وسقط بيده وعلم أن أحدا من أهل مكة لن يبايعه ما دام الحسين بها.
(3) كان عمرو بن سعيد أميرا على مكة، وقد مر سبب عزل الوليد بن عتبة عن المدينة، وهو فشله في أخذ البيعة من كبار القوم، وسلم الأمر في مكة والمدينة إلى عمرو بن سعيد وذلك في رمضان عام (60) وكلف معالجة أمر البيعة ليزيد.