بكى وقال: ما يوثق بأحد بعد زياد بن صالح، بعد إيثاري إياه، وإكرامي وتفضيلي له، وما صنعت به. قلت: هو هنالك، والله خير لك منه هاهنا. قال:
وترى ذلك؟ قلت: نعم. قال: ثم مشت الكتب والرسل بينهم إي بين أبي جعفر وابن هبيرة حتى صار أمرهم إلى أن يلقاه، ونهض ابن هبيرة إليهم، وتخلى مما بيده لهم.
كتاب الأمان قال: وذكروا أن رجلا من قيس يقال له أبو بكر بن مصعب العقيلي، سعى في كتاب الصلح والأمان عند أبي جعفر، حتى تم له، فأتى ابن هبيرة، وفيه:
بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من عبد الله بن محمد بن علي أبي جعفر، ولي أمر المسلمين، ليزيد بن هبيرة ومن معه من أهل الشام والعراق، غيرهم في مدينة واسط وأرضها، من المسلمين والمعاهدين، ومن معهم من وزرائهم:
إني أمنتكم بأمان الله الذي لا إله إلا هو، الذي يعلم سرائر العباد وضمائر قلوبهم، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، وإليه الأمر كله، أمانا صادقا لا يشوبه غش، ولا يخالطه باطل، على أنفسكم وذراريكم وأموالكم، وأعطيت يزيد بن عمر بن هبيرة، ومن أمنته في أعلى كتابي هذا بالوفاء، بما جعلت لهم من عهد الله وميثاقه، الذي واثق به الأمم الماضية من خلقه، وأخذ عليهم به أمره عهدا خالصا مؤكدا، وذمة الله، وذمة محمد ومن مضى من خلفائه الصالحين، وأسلافه الطيبين التي لا يسع العباد تقضها، ولا تعطيل شئ منها، ولا الاحتقار بها، وبها قامت السماوات والأرض والجبال، فأبين أن يحملنها، وأشفقن منها، تعظيما لها، بها حقنت الدماء، وذمة روح الله وكلمته عيسى ابن مريم، وذمة إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط، وذمة جبريل وميكائيل وإسرافيل، وأعطيتك ما جعلت له من هذه العهود والمواثيق، ولمن معك من المسلمين، وأهل الذمة بعد استثماري فيما جعلت لك منه عبد الله بن محمد أمير المؤمنين أعز الله نصره، وأمر بإنفاذه لكم، ورضي به، وجعله لكم وعلى نفسه، وتسليم ذلك من قبله من وزرائه وقواده، وأنصار الحق من شيعته، من أهل خراسان، فأنت وهم آمنون بأمان الله، ليس عليك حد، ولا تؤاخذ بذنب أتيته، وكنت عليه في خلاف أو مناوأة، أو قتل أو زلة، أو جرم أو جناية،