في السلاح، أعينهم تزهو من تحت المغافر (1)، على عواتقهم السيوف مشهورة، وعمد الحديد بأيديهم. فأتى ابن هبيرة بوسادة، فطرحت له، فجلس عليها، ثم دعا الحاجب بالقواد، فدخلوا على أبي جعفر، ثم خرج سلام بن سلام فقال:
ادخل يا أبا خالد. قال: ومن معي؟ قال: إنما استأذنت لك، فدخل، فوضعت له وسادة فجلس، فحدثه أبو جعفر طويلا (2) ثم نهض فركب، فأتبعه أبو جعفر بصره حتى انصرف.
قتل ابن هبيرة قال: وذكروا أن أبا العباس كتب إلى أبي جعفر: أن اقتل ابن هبيرة، فراده أبو جعفر بالكتاب. فكتب إليه أبو العباس: والله لتقتلنه أو لأبعثن إليك من يخرجه من عندك (3)، ويتولى ذلك عليك. وكان ابن هبيرة إذا ركب إلى أبي جعفر، ركب في ثلاث مئة فارس، وخمس مئة راجل، فقدم يزيد بن حاتم على أبي جعفر، فقال: أصلح الله الأمير، ما ذهب من سلطان ابن هبيرة شئ، يأتينا فيتضعضع (4) به العسكر. فقال أبو جعفر: يا سلام قل لابن هبيرة لا يركب في مثل تلك الجماعة، وليأتينا في حاشيته. قال عدي: فأصبحنا، فخرج ابن هبيرة أيضا في مثل تلك الجماعة الذين كانوا يركبون معه، فخرج إليه سلام فقال:
يقول لك الأمير ما هذه الجماعة؟ لا تسيرن إلا في حاشيتك، فتغير وجه ابن هبيرة. فلما أصبح أتى في نحو من ثلاثين رجلا قال له سلام: كأنك إنما تأتينا مباهيا. فقال ابن هبيرة: إن أحببتم أن نمشي إليكم فعلنا. فقال سلام: ما نريد بذلك استخفافا بك، ولكن أهل العسكر إذا رأوا جماعة من معك غمهم ذلك، فكان هذا من الأمير نظرا لك (5)، فمكث طويلا جالسا في الرواق. فقيل له: إن الأمير يحتجم، فانصرف راشدا، فلم يزل يركب يوما ويقيم آخر، لا يجئ إلا في رجلين أو غلامه، وقد ختموا على الخزائن وبيوت الأموال، وجعل القواد