فكلمه حينئذ رفاعة في المال الذي كان استخرجه من سفيان بن مالك الفهري، وذلك بعد مهلك سفيان. فقال: هو لك. قال: فأمر بدفع عشرة آلاف دينار إلى ولد سفيان بن مالك. قال: فأقام موسى ثلاثة أيام، تأتيه أهل مصر في كل يوم، فلم يبق شريف إلا وقد أوصل إليه موسى صلة ومعروفا كثيرا، وأهدى لولد عبد العزيز بن مروان فأكثر لهم، وجاءهم بنفسه فسلم عليهم، ثم سار متوجها حتى أتى فلسطين، فتلقاه آل روح بن زنباع، فنزل بهم، فبلغني أنهم نحروا له خمسين جزورا، وأقام عندهم يومين، وخلف بعض أهله وصغار ولده عندهم، وأجاز آل مروان وآل روح بن زنباع بجوائز من الوصائف، وغير ذلك من الطرف.
قدوم موسى على الوليد رحمهما الله تعالى قال: وذكروا أن محمد بن سليمان وغيره من مشايخ أهل مصر، أخبروهم أن موسى لما قدم على الوليد، وكان قدومه عليه وهو في آخر شكايته التي توفي فيها (1)، وقد كان سليمان بن عبد الملك بعث إلى موسى من لقيه في الطريق قبل قدومه على الوليد، يأمره بالتثبط في مسيره، وألا يعجل، فإن الوليد بآخر رمقه (2). فلما أتى موسى بالكتاب من سليمان وقرأه، قال: خنت والله وغدرت وما وفيت، والله لا تربصت، ولا تأخرت، ولا تعجلت، ولكني أسير بمسيري، فإن واقيته حيا لم أتخلف عنه، وإن عجلت منيته فأمره إلى الله. فرجع الرسول إلى سليمان فأعلمه فآلى سليمان لئن ظفر بموسى ليصلبنه، أو ليأتين على نفسه.
قال: فلما قدم موسى على الوليد وكان الوليد لما بلغه قدوم موسى واقترابه منه، وجه إليه كتابا يأمره بالعجلة في مسيره، خوفا أن تعجل به منيته قبل قدوم موسى عليه، وأنه أراد أن يراه وأن يحرم سليمان ما جاء به من الجواهر والطرائف التي لا قيمة لها، فلم يكن لموسى شئ يثبطه حين أتاه كتاب الوليد، فأقبل حتى دخل عليه (3)، وقدم تلك الطرائف من الدر والياقوت والزبرجد، والوصفاء والوصائف