إلى أبي العباس، كتب إلى أبي مسلم يستغيثه، ويذكر عظيم يده عنده، ويسأله القدوم عليه لأمر السفاح، فقدم أبو مسلم، فأقام عنده أياما، ثم خرج إلى السفاح ومعه أجناده وقواده، فلقي السفاح على الفرات فهزمه (1)، واستباح عسكره، وأخذ أسيرا (2)، فقدم به على أبي العباس. فلما قدم إليه، وأدخل عليه قال: يا عمي أحسنا وواسينا فحسدت وبغيت، وقد رأيت تعطفا عليك، وصلة لرحمك، أن أحبسك حبسا رفيقا، حتى تؤدب نفسك، ويبدو ندمك ثم أمر فبنى له بيت. جعل أساسه قطع الملح، فحبسه فيه. فلما كان بعد أيام أرسل الماء حول البيت، فذاب الملح، وسقط البيت عليه، فمات فيه (3)، ورد أبا مسلم إلى عمله بخراسان، فأقام فيها بقية عامه، ثم أخرج أبو العباس أبا جعفر واليا على الموسم، وخرج أبو مسلم أيضا حاجا من خراسان.
اختلاف أبي مسلم على أبي العباس قال: وذكروا أن أبا العباس وجه أبا جعفر في ثلاثين رجلا إلى أبي مسلم، وكان فيهم الحجاج بن أرطأة الفقيه، والحسن بن الفضل الهاشمي (4)، وعبد الله بن الحسين (5)، فلما توجه أبو جعفر إلى أبي مسلم بخراسان، وقدم عليه، استخف به بعض الاستخفاف، ولم يزد الاجلال له، وجعل يعظم في كلامه وفعله الخليفة، ولم يزل أبو مسلم يتخوف أن يصنع به مثل ما صنع بأبي سلمة الخلال، وكان لا يظهر ذلك لأحد. فلما قدم أبو جعفر عليه، ومعه الثلاثون رجلا، وفيهم عبد الله (6) بن الحسين، قام إليه سليمان بن كثير، فقال: يا هذا إنا كنا نرجو أن يتم أمركم، فإذا شئتم فادعوا إلى ما تريدون. فظن أنه