عكرمة وأسماء فوافقا هواه فيه، وأما موسى فقال له: إن أمير المؤمنين لا يحتملك على المعصية، وليس مثل المهلب في فضله وشرفه، وقدره في قومه ومعرفته، أقصيت أو جفوت، فإن كان بلغك أمر يقال إنه أتاه، فاكشفه عنه، حتى تعلم عذره فيه أو ذنبه، فلم يزل موسى يردد أمر المهلب على بشر، ويعطفه عليه، بعد أن كان هم بقتله، إن ظفر به، حتى أرسل إليه بشر فجاءه المهلب فتنصل إليه المهلب، فقبل منه بشر، وولاه ما كان يلي، فبعث إليه موسى بخمسين فرسا وبمئة بعير. وقال له: استعن بها على حربك، ثم لم يزل موسى قائما بأمره عند بشر، حتى هلك بشر.
قالوا: وأخبرنا محمد بن عبد الملك أن المهلب في الأيام التي كان يخاف فيها بشر بن مروان على نفسه، خرج إلى مال له، فكان فيه وحده، فأتى رجل إلى بشر وعنده موسى، فقال له: إن كان لك أيها الأمير بالمهلب حاجة فابعث خيلا إلى موضع كذا وكذا، فإنه فيه في غار وحده، وليس معه فيه رجل من قومه. فبعث بشر خيلا. قال: فنهض من مجلسه موسى، فوجه إليه غلاما له، ثم قال له: أنت حر لوجه الله، إن أنت سبقت هذه الخيل حتى تنتهي إلى موضع كذا وكذا، فتأتي المهلب فتقول: إن موسى يقول لك: النجاة بنفسك، فخرج غلام موسى حتى انتهى إلى المهلب فأعلمه، فاستوى على فرسه فذهب، وأتت الخيل فلم تجد أحدا هناك، فانصرفوا راجعين إلى بشر فأعلموه بذلك.
ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس قال: وذكروا أن محمد بن عبد الملك أخبرهم قال: أقام موسى بن نصير مع سليمان بن عبد الملك يطلب رضاه، حتى رضي عنه، وابنه عبد الله بن موسى على أفريقية وطنجة والسوس، وابنه عبد العزيز على الأندلس كما هو، فلما بلغ عبد العزيز الذي فعل سليمان بأبيه موسى تكلم بكلام خفيف حملته عليه حمية لما صنع بأبيه على حسن بلائه، فنميت إلى سليمان، فخاف سليمان أن يخلع (1)، فكتب إلى حبيب بن أبي عبيدة (2)، وابن وعلة التميمي، وسعد بن