بكر بن أبي قحافة؟ فقام أبو بكر فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن الخطاب، أين الفاروق؟ فقام عمر فدخل، فقلت: سبحان الله، أنا في ملأ فيهم جدي لم أسلم عليه، فما لبثت إلا يسيرا حتى خرج المنادي فقال: أين عثمان بن عفان؟ فقام عثمان فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين علي بن أبي طالب؟ فقام فدخل، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج المنادي فنادى: أين عمر بن عبد العزيز. قال: فقمت فدخلت، فلما صرت في القصر رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر عن يمينه، وعمر عن شماله، وعثمان وعليا أمامه. فقلت: أين أقعد؟ لا أقعد إلا إلى جنب عمر. قال: فرأيت فيما بين النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر شابا حسن الوجه حسن الهيئة. فقلت لعمر: من هذا؟ قال: هذا عيسى ابن مريم عليه السلام، فما لبثت إلا قليلا حتى خرج عثمان بن عفان وهو يقول: الحمد لله الذي نصرني ربي، ثم خرج علي وهو يقول: الحمد لله الذي غفر لي ربي، ثم نودي لي: أين عمر بن عبد العزيز، فقمت فصرت بين يدي ربي فحاسبني، فلقد سألني عن النقير والفتيل والقطمير، حتى خفت أن لا أنجو، ثم قمت فخرجت فقيل لي: أثبت وتمسك على ما أنت عليه، فبينما أنا سائر، فإذا بجيفة قد علا نتنها الخلائق، فضربتها برجلي، وقلت لمن معي: لمن هذه الجيفة؟ فقيل لي:
هذا الحجاج بن يوسف، فضربته برجلي، فقلت له: ما فعل الله بك يا حجاج؟
قال: يا أمير المؤمنين والله لقد قتلت بكل قتيل قتلته بسيف من نار، ولقد قتلت بسعيد بن جبير اثنين وسبعين قتلة. فقلت: فآخر أمرك ما هو؟ قال: أنا هاهنا أنتظر ما ينتظر من وحد الله، وآمن برسوله (1).
قالت فاطمة: فلم يبق عمر بعد هذه الرؤيا إلا يسيرا، حتى مرض مرضه الذي مات فيه، فدخل عليه مسلمة بن عبد الملك، فقال له: يا أمير المؤمنين، إنك لتترك ولدك عالة على الناس، فأوص بهم إلي، أكفك أمرهم، فإنك لم تمولهم شيئا، ولم تعطهم. فقال عمر: يا أبا سعيد، إن ولدي لهم الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين، ثم دعاهم عمر وهم أربعة عشر غلاما، فنظر إليهم عمر، وقد لبسوا الخشن من قباطي مصر (2) فاغرورقت عيناه بالدموع. قال