شرة تنزل به الدرة (1). ثم قال للحاجب: ائذن للناس، فدخل عليه رجل من الموالي، كان أشجع الناس في زمانه، يقال له عمرو بن الصلت. فقال له الحجاج: هل كان وراءك من غيث؟ قال: نعم أصلح الله الأمير، أصابتني سحابة بموضع (2) كذا وكذا، فلم أزل أطأ في أثرها، حتى دخلت على الأمير.
فقال له الحجاج: أما والله لئن كنت في المطر أقصرهم خطبة، إنك بالسيف لأطولهم باعا وخطوة.
ولما انهزم ابن الأشعث، قام بعده عبد الرحمن بن عياش (2) بن ربيعة، فقاتل الحجاج ثلاثة أيام، ثم انهزم، فوقع بأرض فارس، ثم صار إلى السند، فمات هناك. وتحصن ناس من أصحاب ابن الأشعث في قلعة بأرض فارس، منهم عبد الرحمن بن الحارث بن نوفل، والفضل بن عياش، وعمرو بن موسى التميمي، ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، وعبيد الله، ومحمد، وإسحاق، وعون، بنو عبد الله بن الحارث في ناس من قريش، ولحق سعيد بن جبير بمكة، فأشعر به الحجاج، فغفل عنه ولم يهيجه، فبعث الحجاج يزيد بن المهلب، فحاصرهم بفارس.
قال أبو معشر: حدثني عون قال: كتب إلينا يزيد بن المهلب، أن أخبروني بآية بيني وبينكم حتى أخرجكم. قال: فكتب إليه عبد الله بن الحارث: كنت يوم كذا وكذا في دارنا. قال: فأخرجه وبنيه، فسكنا عمان. وأسر من بقي، وأسروا اثني عشر رجلا من وجوه الناس عامتهم من قريش، منهم عمرو بن موسى التميمي (4) ومحمد بن سعد بن أبي وقاص، فبعث بهم إلى الحجاج فحبسهم عنده، وكتب إلى عبد الملك يخبره بأمرهم، وجعل يذكر في كتابه أن سعيدا قد أنكر الخروج مع هؤلاء القوم، فكتب إليه عبد الملك يأمره بضرب أعناقهم ويقول في كتابه: لم أبعثك مشفعا وإنما بعثتك منفذا مناجزا لأهل الخلاف والمعصية.
فأبرزهم الحجاج، فقال لعمرو بن موسى: يا عاتق قريش وكان شابا جميلا،