تولية موسى بن نصير (1) البصرة قال: وحدثنا يزيد بن سعيد مولى مسلم، أن عبد الملك بن مروان لما أراد أن يولي أخاه بشر بن مروان على العراق، كتب إلى أخيه عبد العزيز بن مروان وهو بمصر، وبشر معه يقود الجنود، وكان يومئذ حديث السن: إني قد وليت أخاك بشرا البصرة، فاشخص معه موسى بن نصير، وزيرا ومشيرا، وقد بعثت إليك بديوان العراق، فادفعه إلى موسى، وأعلمه أنه المأخوذ بكل خلل وتقصير، فشخص بشر من مصر إلى العراق، ومعه موسى بن نصير، حتى نزل البصرة، فلما نزلها دفع إلى موسى بن نصير خاتمه، وتخلى عن جميع العمل، فلبث موسى مع بشر ما لبث، ثم إن رجلا من أهل العراق دخل على بشر بن مروان فقال له: هل لك أن أسقيك شرابا لا تشيب معه أبدا، بعد أن أشترط عليك شروطا؟ قال بشر: وما هي؟ قال: لا تغضب ولا تركب، ولا تجامع امرأة في أربعين ليلة، ولا تدخل حماما، فقبل ذلك بشر وأجابه، وشرب ما أسقاه، واحتجب عن قريب الناس وبعيدهم، وخلا مع جواريه وخدامه، فكان كذلك حتى أتته ولاية الكوفة وقد ضمت إليه مع البصرة، فأتاه من ذلك ما لم يحمل فرحه، ولا السرور به، فدعا بركاب ليركبها، فأتاه الرجل، فناشده لا يخرج ولا يركب، وأن لا يتحرك بحركة من مكانه، فلم يلتفت بشر إلى كلامه، ولم يقبل ما أمره به، فلما رأى الرجل عزمه قال له: فاشهد لي على نفسك بأنك قد عصيتني ففعل بشر ذلك، وأشهد أنه قد أبرأه، فركب وهو يريد الكوفة، فلم يسر إلا أميالا، حتى وضع يده على لحيته، فإذا هي في كفه قد سقطت من وجهه، فلما رأى ذلك انصرف إلى البصرة، فلم يلبث إلا قليلا حتى هلك (2)، فلما بلغ عبد الملك موته، وجه الحجاج بن يوسف واليا عليها. فقال موسى بن نصير: ما فاتك فلا يفوتك، وكان عبد الملك قد أراده لأمر عتب عليه منه (3). فكتب
(٦٩)