الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٦٠
القاضي؟ قلت: والله ما أدري. قال: فلست بكاتب قاض، فأيهم أنت؟ فقلت: كاتب شرطة.
قال: فما تقول في رجل وثب على رجل، فشجه شجة موضحة (1)، فوثب عليه المشجوج فشجه شجة مأمومة (2)، كيف كنت تقضي بينهما؟ فقلت: ما أعلم. قال: فلست بكاتب شرطة.
فقلت: أصلحك الله: قد سألت ففسر لي ما ذكرت. فقال: أما الذي تزوجت أمه، فتكتب إليه: أما بعد، فإن أحكام الله تجري بغير محاب المخلوقين، والله يختار للعباد، فخار الله لك في قبضها إليه، فإن القبر أكرم لها، والسلام. وأما البراح: فتضرب واحدا وثلثا في مساحة العطوف، فمن ثم بابه. وأما أحمد وأحمد: فتكتب حلية المقطوع الشفة العليا: أحمد الأعلم، والمقطوع الشفة السفلى: أحمد الأشرم. وأما المرأتان فيوزن لبن هذه ولبن هذه، فأيهما كان أخف، فهي صاحبة البنت. وأما صاحب الشجة: فإن في الموضحة خمسا من الإبل، وفي المأمومة ثلاثا وثلاثين وثلثا، فيرد صاحب المأمومة ثمانية وعشرين وثلثا. فقلت: أصلحك الله؟ فما أتى بك هاهنا؟ قال: ابن عم لي كان عاملا على ناحية، فخرجت إليه، فألفيته معزولا فقطع بي، فأنا خارج أضطرب في المعاش. قلت: ألست قد ذكرت أنك حائك؟ فقال: جعلت فداك: إنما أحوك الكلام، ولست بحائك الثياب. قال: فدعوت المزين فأخذ من شعره، وأدخل الحمام وطرحت عليه من ثيابي، فلما صرت إلى الأهواز كلمت فيه الرحجي، فأعطاه خمسة آلاف درهم، ورجع معي، فلما صرت إلى أمير المؤمنين ألفيته قد توقد علي نارا، وامتلأ غيظا، وقد حلف بالمشي إلى الكعبة أن ينالني منه يوم سوء، لطول مقامي، واشتغالي عنه بالرجل، فلما دخلت عليه قال: ما كان من خبرك في طريقك، وما الذي شغلك بعد أمري لك أن لا تلبث ببغداد إلا يوما واحدا، ويمينك على ذلك؟ فأخبرته خبري، حتى حدثته بحديث الرجل، وقصتي معه، قال: لقد جئتني بأعظم الفوائد، فلأي شئ يصلح ويحك؟ قلت: هو والله يا أمير المؤمنين أعلم الناس بالفقه والعلم، والحلال والحرام، والهندسة والفلسفة، والحساب والكتابة. فولاه هارون البناء والمرمة (3)، والمهم من الأمور، وأولاه على عمال الخراج يتقاضاهم ويحاسبهم، فكنت والله ألقاه في المواكب العظيمة، فينحط عن دابته ساعيا، حتى يقبل على يدي يقبلها، فأحلف عليه، فيقول: سبحان الله، إنما هذه نعمتك، وبك نلتها، ويقول:

(1) موضحة: الموضحة هي التي تظهر العظام بعد شق الجلد واللحم.
(2) المأمومة التي بلغت أم الرأس أي غارت حتى وصلت إلى داخل العظم.
(3) المرمه: إصلاح المباني وترميمها وهي مبنية.
(١٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175