الدهاقين، فقد استعملهم أبي ومن كان قبله، وأما المحاربة: فوالله ما اتخذتهم إلا وقاية، لأني كنت أقتل بهم أهل المعصية، فلو أمرت عشائرهم بهم لم يقتلوهم ولشق ذلك عليهم، فجعلت ذلك بيني وبينهم، من لا آل بينه وبينهم، ولكني كنت أحدث نفسي أني ندمت على تركي أربعة آلاف في السجن من الخوارج، فوددت أني كنت أضرمت البيضاء عليهم، حتى آتى على آخرهم ووددت أني جمعت آل بيتي وموالي، ونابذت أهل المصر على سواء، حتى يموت الأعجل، ووددت أني قدمت الشام ولم يبايع أهلها بعد.
قتل المختار عمرو بن سعد قال: وذكروا أن المختار بن أبي عبيد كتب إلى عبد الله بن الزبير من الكوفة، وقال لرسوله: إذا جئت مكة فدفعت كتابي إلى عبد الله بن الزبير، فأت المهدي محمد بن علي، وهو ابن الحنفية، فاقرأ عليه مني السلام، وقل له: يقول لك أخوك أبو إسحاق: إني أحبك، وأحب أهل بيتك، قال: فأتاه الرسول فقال له ذلك. قال: كذبت، وكذب أبو إسحاق معك، كيف يحبني ويحب أهل بيتي، وهو يجلس عمرو بن سعد بن أبي وقاص على وسائده، وقد قتل الحسين بن علي أخي. قال: فلما قدم عليه رسوله أخبره بما قال محمد بن علي. فقال المختار لأبي عمرو صاحب حرسه: استأجر لي نوائح يبكين الحسين على باب عمرو بن سعد بن أبي وقاص. قال: ففعل، فلما جئن يبكين الحسين، قال عمرو لابنه حفص: يا بني ائت الأمير، فقل له: ما شأن النوائح يبكين الحسين على بابي؟ قال: فأتاه فقال له ذلك، فقال له:
إنه أهل أن يبكي عليه، فقال: أصلحك الله، انههن عن ذلك. قال: نعم. ثم دعا أبا عمرو، فقال: اذهب إلى عمرو بن سعد فأتني برأسه، قال: فأتاه، فقال: قم إلي أبا حفص، فقام إليه وهو ملتحف، فجلله بالسيف، ثم جاء برأسه إلى المختار، وحفص جالس عنده على الكرسي، فقال: هل تعرف هذا الرأس؟ قال: نعم، رحمة الله عليه، قال: أتحب أن ألحقك به؟ قال: وما خير الحياة بعده. قال: فضرب رأسه فقتله. قال: ثم أرسل عبد الله بن الزبير يزيد بن زياد على العراق، فكان بالكوفة حتى مات يزيد، وأحرقت الكعبة، ورجع الحسين هاربا إلى الشام. قال: ثم أرسل عبد الله بن مطيع إلى الكوفة، ثم بعث المختار بن أبي عبيد على الكوفة، وعزل عبد الله بن مطيع، وسيره إلى المدينة، وسار عبيد الله بن زياد بعد ذلك إلى المختار، وجهه عبد الملك بن مروان أميرا على العراق، وندب معه جيشا عظيما من أهل الشام، فأقبل إلى الكوفة يريد المختار، فالتقوا بجازر، فاقتتلوا، فقتل المختار عبيد الله بن زياد ومن معه، وكان معه الحصين بن نمير، وذو الكلاع، وغلبة من كان معه ممن شهد وقعة الحرة من رؤوسهم.