طعن، فدخلوا عليه، فقالوا له: استخلف على الناس من تراه لهم رضا. فقال لهم: عند الموت تريدون ذلك؟ لا والله لا أتزودها، ما سعدت بحلاوتها، فكيف أشقى بمرارتها، ثم هلك رحمه الله ولم يستخلف أحدا. فقالوا لعثمان بن عنبسة: تقدم فصل بالناس، فأبى. وقال:
لا. أما أنا فلاحق بخالي عبد الله بن الزبير، فقال له ابن زياد: إن هذا ليس بزمان خالك ولا عمك. فلما دفن معاوية بن يزيد، وسوى عليه التراب، وبنو أمية حول قبره، قال مروان: أما والله يا بني أمية إنه لأبو ليلى، ثم قال:
الملك بعد أبي ليلى لمن غلبا.
وماج أمر بني أمية واختلفوا.
غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره قال: وذكروا أن أبا معشر قال: حدثنا بعض المشيخة الذين حضروا قتال ابن الزبير، قال: لما نزل الحصين بمكة، وغلب عليها كلها إلا المسجد الحرام، قال: فإني لجالس مع ابن الزبير، ومعه من القرشيين عبد الله بن مطيع، والمختار بن أبي عبيد، والمسور بن مخرمة، والمنذر بن الزبير، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف في نفر من قريش. قال: فقال المختار بن عبيد: وهبت رويحة: والله إني لأجد النصر في هذه الرويحة، فاحملوا عليهم، قال:
فحملوا عليهم حتى أخرجوهم من مكة، وقتل المختار رجلا، وقتل ابن مطيع رجلا. قال:
فجاءه رجل من أهل الشام، في طرف سنان رمحه نار. قال: وكان بين موت يزيد بن معاوية وبين حريق الكعبة إحدى عشرة ليلة ثم التحمت الحرب عند باب بني شيبة، فقتل يومئذ المنذر بن الزبير، ورجلان من إخوته، ومصعب بن عبد الرحمن بن عوف والمسور بن مخرمة، وكان الحصين قد نصب المجانيق (1) على جبل أبي قبيس، وعلى قعيقعان، فلم يكن أحد يقدر أن يطوف بالبيت، وأسند ابن الزبير ألواحا من الساج إلى البيت، وألقى عليها القطائف والفرش، فكان إذا وقع عليها الحجر، نبأ عن البيت، فكانوا يطوفون تحت تلك الألواح، فإذا سمعوا صوت الحجر حين يقع على الفرش والقطائف كبروا، وكان طول الكعبة في السماء ثمانية عشر ذراعا، وكان ابن الزبير قد ضرب فسطاطا في ناحية من المسجد، فكلما جرح أحد من أصحابه أدخله ذلك الفسطاط.