ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب قال: وذكروا عن محمد بن سليمان، عن مشايخ أهل مصر، قال: لما بعث موسى رحمه الله بالخمس الذي أفاء الله عليه، وكان مئة ألف رأس، فنزلوا الإسكندرية، ونزل بعضهم كنيسة فيها، فسميت كنيسة الرقيق إلى اليوم، ونزلوا موضعا بالفسطاط فتسوقوا فيه، فسمي سوق البربر إلى اليوم، قال محمد بن سليمان، ومحمد بن عبد الملك: إن موسى اتخذ لنفسه دارا وسكنا حتى كان من أمر سليمان ما قد ذكر، وهو الذي أخرجه وأهله من المغرب.
قال: وحدثنا بعض أهل أفريقية أن موسى ركب يوما حتى خرج من القيروان، فوقف قريبا من أفريقية على رأس أميال، فأخذ بيده ترابا فشمه من ثم، ثم أمر بحفر بئر وابتنى دارا ومنية (1) واتخذ فيها خيلا فسميت بئر منية الخيل، فليس يعلم بالمغرب بئر أعذب منها.
وحدثنا الكرير أبو بكر عبد الوهاب بن عبد الغفار شيخ من مشايخ تونس قال: إن موسى انتهى إلى صنم يشير بأصبعه إلى خلفه ثم تقدم إلى صنم أمام الصنم الأول، فإذا هو يشير بأصبعه إلى السماء، ثم تقدم فإذا بصنم على نهر ماء جار، يشير بأصبعه تحت قدميه، فلما انتهى موسى إلى الصنم الثالث. قال موسى: احفروا، فإذا بمحدث (2) مختوم الرأس، قد أخرج، فأمر به موسى فكسر، فخرجت ريح شديدة. فقال موسى للجيش: أتدرون ما هذا؟
قالوا: لا والله أيها الأمير ما ندري. قال: ذلك شيطان من الشياطين التي سجنها نبي الله سليمان بن داود.
قال: وحدثنا بعض مشايخ أهل المغرب أن موسى أرسل ناسا في مراكب فأمرهم أن يسيروا حتى ينتهوا إلى صنم يشير بأصبعه أمامه في جزيرة في البحر، ثم يسيروا حتى يأتوا صنما آخر في جزيرة يشير بأصبعه أمامه ثم يسير الليالي والأيام ويجد في السير حتى يأتوا صنما آخر في جزيرة في البحر، فيها أناس لا يعرف كلامهم. قال: فإذا بلغتم ذلك فارجعوا، وذلك في أقصى المغرب ليس وراءه أحد من الناس إلا البحر المحيط، وهو أقصى المغرب في البر والبحر.
قال: وحدثنا بعض المشايخ من أهل المغرب أن موسى بلغ نهرا من أقصى المغرب، فإذا عليه في الشق الأيمن أصنام ذكور، وفي الأيسر أصنام إناث، وأن موسى لما انتهى إلى ذلك