إلى موسى فقال: ابعث معي أدلكم على كنز، فبعث معه موسى رجالا. فقال الذي دلهم: انزعوا هاهنا، فنزعوا، فسال عليهم من الزبرجد والياقوت ما لم يروا مثله قط، فلما رأوه بهتوا وقالوا:
لا يصدقنا موسى، أرسلوا إليه. فأرسلوا حتى جاء ونظر. قال: وكانت الطنفسة قد نظمت بقضبان الذهب والفضة المسلسلة باللؤلؤ والياقوت والزبرجد. قال: وكان البربريان ربما وجداها فلا يستطيعان حملها حتى يأتيا بالفأس فيضربا وسطها، ويأخذا منها ما أمكنهما، اشتغال بغير ذلك مما هو أنفس منه.
قال الليث: وبلغني أن رجلا غل في غزوة عطاء بن نافع فحمل ما غل حتى جعله في مزفت (1) بين كتفيه وصدره، فحضره الموت، فجعل يصيح: المزفت المزفت.
وحدثنا ابن أبي ليلى التجيبى، عن حميد، عن أبيه أنه قال: لقد كانت الدابة تطلع في بعض غزوات موسى، فينظر في حافرها فيوجد فيه مسامير الذهب والفضة. قال: وكتب موسى حين افتتح الأندلس إلى أمير المؤمنين: إنها ليست كالفتوح يا أمير المؤمنين، ولكنه الحشر.
وأخبرني عن عبد الحميد ابن حميد، عن أبيه أنه قال: قدمت الأندلس امرأة عطارة فخرجت بخمس مئة رأس، فأما الذهب والفضة والآنية والجوهر فذلك لا يحاط بعلمه.
قال: وحدثني ياسين بن رجاء، أنه قدم عليهم رجل من أهل المدينة شيخ، فجعل يحدثنا عن الأندلس، وعن دخول موسى إياها، فقلنا له: فكيف علمت هذا؟ قال: إني والله من سبيه، ولأخبركم بعجيب، والله ما اشتراني الذي اشتراني إلا بقبضة من فلفل لمطبخ موسى بن نصير.
فقلنا له: ما أقدمك؟ فقال: أبي كان من وجوه الأندلس. فلما سمع بموسى بن نصير عمد إلى عين ماله من الذهب والفضة والجوهر، وغير ذلك، فدفنه في موضع قد عرفته، فتقدمت أنا للخروج إلى ذلك الموضع لاستخراجه. قلنا له، وكم لك منذ فارقته؟ قال: سبعون سنة. قلنا له: أفنسيته؟ قال: نعم، فلم ندر بعد ما فعل.
عزوة موسى بن نصير البشكنس والأفرنج قال: وذكروا أن موسى خرج من طليطلة بالجموع غازيا يفتح المدائن جميعا، حتى دانت له الأندلس، وجاءه وجوه جليقية، فطلبوا الصلح فصالحهم، وغزا البشكنس فدخل في بلادهم حتى أتى قوما كالبهائم، ثم مال إلى أفرنجة، حتى انتهى إلى سرقسطة فافتتحها، وافتتح ما دونها