لا تخوفني به، فوالله إني لأعلم منه مثل ما تعلم، إن فيه لثلاث خصال لا يسود بها أبدا: عجب قد ملأه، واستغناء برأيه: وبخل التزمه، فلا يسود بها أبدا.
قتل مصعب بن الزبير قال: وذكروا أن عبد الملك لما أيس من مصعب، كتب إلى أناس من رؤساء أهل العراق يدعوهم إلى نفسه، ويجعل لهم أموالا عامة، وشروطا وعهودا، ومواثيق وعقودا، وكتب إلى إبراهيم بن الأشتر يجعل له وحده مثل جميع ما جعل لأصحابه، على أن يخلعوا عبد الله بن الزبير إذا التقوا. فقال إبراهيم بن الأشتر لمصعب: إن عبد الملك قد كتب إلي هذا الكتاب، وكتب لأصحابي كلهم فلان وفلان بذلك، فادع بهم في هذه الساعة، فاضرب أعناقهم واضرب عنقي معهم. فقال مصعب ما كنت لأفعل ذلك حتى يستبين لي ذلك من أمرهم. قال إبراهيم:
فأخرى، قال: وما هي؟ قال: احبسهم في السجن حتى يتبين ذلك، فأبى، فقال له إبراهيم ابن الأشتر: عليك السلام ورحمة الله وبركاته، ولا تراني والله بعد في مجلسك هذا أبدا. وقد كان قال له قبل ذلك: دعني أدعو أهل الكوفة بدعوة لا يخلعونها أبد، وهي ما شرطه الله.
فقال له مصعب: لا والله لا أفعل، لا أكون قتلتهم بالأمس، وأستنصر بهم اليوم، قال: فما هو إلا أن التقوا فحولوا رؤوسهم ومالوا إلى عبد الملك بن مروان. قال فبقي مصعب في شرذمة قليلة. قال فجاءه عبيد الله بن ظبيان، فقال: أين الناس أيها الأمير؟ فقال: غدرتم يا أهل العراق. قال: فرفع عبيد الله سيفه ليضربه، فبدره مصعب بالسيف على البيضة، فنشب فيها، فجعل يقلب السيف ولا ينتزع من البيضة. قال: فجاء غلام لعبيد الله بن ظبيان، فضرب مصعبا بالسيف فقتله، ثم جاء عبيد الله برأسه إلى عبد الملك، يدعي أنه قتله، فطرح رأسه وقال:
نطيع ملوك الأرض ما أقسطوا لنا * وليس علينا قتلهم بمحرم قال: فوقع عبد الملك ساجدا، فتحامل عبيد الله على ركابه ليضرب عبد الملك بالسيف.
فرفع عبد الملك رأسه وقال: والله يا عبيد الله لولا منتك لألحقتك سريعا به. قال: فبايعه الناس، ودخل الكوفة فبايعه أهلها.
ذكر حرب ابن الزبير وقتله قال: وذكروا أنه لما تمت البيعة لعبد الملك بن مروان من أهل العراق، وأتاه الحجاج ابن يوسف فقال: يا أمير المؤمنين، إني رأيت في المنام كأني أسلخ عبد الله بن الزبير، فقال