الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الزيني - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
مالك بن أنس وكان ذلك رحمة من الله لأهل المدينة، وتثبيتا لمنبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرهم.
مسير الرشيد إلى الفضل بن عياض قال: وذكروا أن الرشيد كان كثيرا ما يتلثم، فيحضر مجالس العلماء بالعراق وهو لا يعرف. وكان قد قسم الأيام والليالي على سبع ليالي: فليلة للوزراء، يذاكرهم أمور الناس، ويشاورهم في المهم منها، وليلة للكتاب يحمل عليهم الدواوين، ويحاسبهم عما لزم من أموال المسلمين، ويرتب لهم ما ظهر من صلاح أمور المسلمين، وليلة للقواد، وأمراء الأجناد يذاكرهم أمر الأمصار ويسألهم عن الأخبار، ويوقفهم على ما تبين له من صلاح الكور (1) وسد الثغور، وليلة للعلماء والفقهاء يذاكرهم العلم ويدارسهم الفقه، وكان من أعلمهم، وليلة للقراء والعباد يتصفح وجوههم، ويتعظ برؤيتهم، ويستمع لمواعظهم، ويرقق قلبه بكلامهم، وليلة لنسائه وأهله ولذاته، يتلذذ بدنياه، ويأنس بنسائه، وليلة يخلو فيها بنفسه، لا يعلم أحد قرب أو بعد ما يصنع، ولا يشك أحد أنه يخلو فيها بربه، يسأله خلاص نفسه، وفكاك رقه: فبينما هو يوما في مجلس محمد بن السماك، وقد قصد لرؤيته يسمع لموعظته، ولا يعلم أحد بمكانه، فسمع بعض أهل المجلس يذكر الفضل بن عياض، ويصف فضله وعبادته، وعلمه وروعه، فاشتهى النظر إليه، وتاقت نفسه إلى رؤيته ومحادثته، فتوجه من العراق إلى الحجاز قاصدا إليه، ومعه عبد الله بن المبارك فقيه أهل بغداد وعالمهم، وكان الفضل بن عياض يسكن الغيران. فلما قربا من موضعه قال عبد الله بن المبارك: يا أمير المؤمنين إن الفضل إن عرفك وعرف مكانك لم بأذن لك عليه، ويسفر عنك. فقال هارون: تستأذن أنت عليه، وتخفي مكاني عنه، حتى يأذن بالدخول فاستأذن عليه ابن المبارك. قال الفضل: من بالباب؟ قال. ابن المبارك. قال: مرحبا يا أخي وصاحبي، فقال ابن المبارك: ومن معي يدخل؟ فقال الفضل: ومن معك؟ قال: رجل من قريش. فقال الفضل: لا إذن، لا حاجة لي برؤية أحد من قريش. فقال له ابن المبارك:
إنه من العلم والعناية والفقه فيه بمكان، فقال له الفضل: أو ما علمت أن إبليس أفقه الناس؟
فقال له ابن المبارك: إنه سيد قريش في زمانه هذا وفوقهم، وإنما عنى أنه فوقهم في الدنيا وسيدهم فقال له الفضل: فإن كان كما تقول فليدخل، فدخل الرشيد فسلم عليه، ثم جلس بين يديه، فتحدثوا ساعة. فقال له أين المبارك: يا أبا الحسن، أتدري من هذا قال: لا أدري. فقال له:

(1) الكور بفتح الواو: القرى والبلاد الصغيرة.
(١٥٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 3
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 4
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 5
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 6
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 7
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 9
7 خلاف معاوية بن يزيد 10
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 11
9 حريق الكعبة - اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 12
10 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم - موت مروان بن الحكم 13
11 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 14
12 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 15
13 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنهما 16
14 قتال المختار عمرو بن سعد 19
15 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله - خلع ابن الزبير 20
16 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 21
17 مسير عبد الملك إلى العراق 22
18 قتل مصعب بن الزبير - ذكر حرب ابن الزبير وقتله 23
19 ولاية الحجاج على العراقيين 25
20 خروج ابن الأشعث على الحجاج 26
21 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 29
22 أسر عامر بن سعيد الشعبي 39
23 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 41
24 ذكر قتل سعيد بن جبير 42
25 ذكر بيعة الوليد وسليمان بن عبد الملك 44
26 موت عبد الملك وبيعة الوليد 46
27 تولية موسى بن نصير البصرة 48
28 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان - تولية موسى بن نصير على إفريقية 49
29 خطبة موسى بن نصير رحمه الله - دخول موسى بن نصير إفريقية 50
30 خطبة موسى بإفريقية 51
31 فتح زعوان - قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان - إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 52
32 جوابه - كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 53
33 فتح هوارة وزناته وكتامة - فتح صنهاجة 54
34 فتح سجوما 55
35 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 56
36 غزوة موسى في البحر 57
37 غزوة السوس الأقصى 58
38 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك - فتح قلعة أرساف 59
39 فتح الأندلس 60
40 اتهام الوليد موسى بالخلع - دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 62
41 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب - ذكر ما أفاء الله عليهم 63
42 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 64
43 خروج موسى بن نصير من الأندلس - قدوم موسى إفريقية 66
44 قدوم موسى إلى مصر - قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 68
45 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 69
46 عدة موالي موسى بن نصير 70
47 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 71
48 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 72
49 سؤال سليمان موسى عن المغرب 73
50 ذكر قدوم موسى على الوليد 74
51 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 77
52 نسخة القضية 77
53 ذكر يد موسى إلى المهلب 78
54 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 79
55 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى عن أخباره وأفعاله 83
56 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير - ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 86
57 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 87
58 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 92
59 أيام عمر بن عبد العزيز 96
60 ذكر قدوم جرير بن الخطفى على عمر بن عبد العزيز 97
61 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق - اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 174
62 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين - هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 175