هاجت عليه. قال: وجعلت قرب العرق تنصب منه، فما زال كذلك حتى سقط، وعمر بن عبد العزيز حاضر، إلى أن نظر سليمان إلى موسى، وقد وقع مغشيا عليه. قال عمر بن عبد العزيز ما مر بي يوم كان أعظم عندي، ولا كنت فيه أكرب من ذلك اليوم، لما رأيت من الشيخ موسى، وما كان عليه من بعد أثره في سبيل الله، وما فتح الله على يديه وهذا يفعل به. قال: فالتفت إلي سليمان فقال يا أبا حفص، ما أظن إلا أني قد خرجت من يميني قال عمر: فاغتنمت ذلك منه فقلت يا أمير المؤمنين شيخ كبير بادن (1)، وبه نسمة قد أهلكته، وقد أتت على ما فيه من السلامة لك من يمينك، وهو موسى البعيد الأثر في سبيل الله، العظيم الغناء عن المسلمين قال عمر:
والذي منعني من الكلام فيه ما كنت أعلم من يمينه وحقده عليه، فخشيت إن ابتدأته أن يلح عليه، وهو لحوح. قال. فلما قال لي ما قال آخرا، حمدت الله على ذلك، وعلمت أن الله قد أحسن إليه، وأن سليمان قد ندم فيه. فقال سليمان: من يضمه؟ فقال يزيد بن المهلب أنا أضمه يا أمير المؤمنين. قال: وكانت الحال بين يزيد وموسى لطيفة خاصة. قال سليمان: فضمه إليك يا يزيد، ولا تضيق عليه. قال: فانصرف به يزيد، وقد قدم إليه دابة ابنه مخلد، فركبها موسى، فأقام أياما. قال: ثم إنه تقارب ما بين موسى وسليمان في الصلح، حتى افتدى منه موسى بثلاثة آلاف ألف دينار.
عدة موالي موسى بن نصير قال: وذكروا عن بعض البصريين، أن رجلا منهم أخبرهم أن يزيد قال لموسى ذات ليلة وقد سهر سهرا طويلا: يا أبا عبد الرحمن، كم تعد مواليك وأهل بيتك؟ فقال: كثير. قال يكونون ألفا؟ قال له موسى: نعم وألفا وألفا حتى ينقطع النفس، لقد خلفت من الموالي ما أظن أن أحدا لا يخلف مثلهم. قال له يزيد: إنك لعلى مثل ما وصفت، وتعطي بيدك؟ ألا أقمت بدار عزك، وموضع سلطانك، وبعثت بما قدمت به، فإن أعطيت الرضا أعطيت الطاعة، وإلا كنت على التخيير من أمرك؟ فقال موسى: والله لو أردت ذلك ما تناولوا طرفا من أطرافي إلى أن تقوم الساعة، ولكن آثرت حق الله، ولم أر الخروج من الطاعة والجماعة. قال: ثم خرج يزيد من عنده، فنظر إليه موسى، قال لمن عنده: والله إن في رأس أبي خالد لنفرة وليأتين عليها.